مهاوي أزمة الهويّة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل تستطيع أن تَبُتّ في صحّة هذه العبارات والتسميات؟ قد تكون عليها مسحة من التشاؤم وجلد الذات. لكن هذه النظرة مفيدة في وضع الأمور على المحك. ثمّة من يرى أن العالم العربي يمرّ بمرحلة فقد فيها القدرة على إدارة الأزمات. بينما يرى آخر في ذلك حالةً من التشظي. أمّا الصورة التي تستوقفك، لما فيها من خيال وواقعية، فهي أن الخريطة العربيّة عندما غدت فيها الجاذبية المركزية ضبابيةً، حتى لا نقول لم يعد للسفينة ربّان، أو إن السفينة بسحر الفوتوشوب، صارت مجموعة زوارق. حدث تحوّل جيوسياسي غريب. لكنه ليس مستغرباً، فالسبب أوضح من الظلام الدامس. في ساعة اختفاء قمرة القيادة العربية، نسي العرب أن الجغرافيا السياسية لا تحتمل الفراغ. بمجرد انسحاب الأصيل، يقتحم الميدان البديل. اجتاحت البدائل الساحة، من الإقليم وخارجه.
ليس شططاً فكريّاً انصراف الذهن إلى أن العلّة الأصلية كامنة في أزمة هويّة. داء الهشاشة حين يصيب عظام الهويّة، يجعل دعائم الشخصية هلاميّةً. تنكر الأعضاء ذاتها وصفاتها. هنا، لك أن تتذكر ذلك المشهد العجيب في علم النفس: حين يهجم مجرم مسلّح على شخص أعزل في باحة بناية متعددة الطوابق، ويعلو صراخ المستغيث، يفتح أهل الشقق نوافذهم يتفرّجون وهم مسلوبو الإرادة، لا يحرّك ساكن ساكناً. خيال القارئ وسيع إذا أراد رؤية الصورة بمقاييس أربعة عشر مليون كيلومتر مربع، وبجودة أربعمئة مليون ميغابيكسل.
قضية أزمة الهوية محرجة مزعجة؛ لأنها لا تخلو من أقفاص اتهام. لكن، ما العيب في أن تعكف مراكز البحوث في العلوم السياسية والاجتماعية، على إعادة النظر في أسس تكوين الهوية وتأهيل الشخصية، من الأسرة إلى مراحل التعليم؟ إذا كانت العلل والسلوكيات السلبية، الفردية والجماعية، بفعل أيدٍ خارجية فتلك هي الطامّة الكبرى.
هنا أيضاً لكن، وإلاّ فما هي الآليات التي أدّت إلى المشهد المطابق للمشهد في علم النفس؟ دعنا في نطاق الأربعمئة مليون عربي، لا حاجة إلى إحصائية الملياري مسلم. هذه الإحصائية جميلة عندما نستمتع، إن شاء الله، بأطايب موائد الرحمان في رمضان. ثم لا تحمّل المدارس ومناهجها فوق طاقتها، فليس في مقدورها أن تتجشم المركب الصعب، فتُقنع في القرن الحادي والعشرين، المراهقين بالتخلي عن سراويل الجينز الممزّقة، والانكباب على أشعار العلاّمة محمد إقبال.
لزوم ما يلزم: النتيجة التشبيهية: حين تضع مجموعة أفكار في خلاّط الذهن، يخرج المضمون هكذا.
[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق