تعتبر الخلافات، بغض النظر عن أنواعها أو أسبابها، واقعاً حتمياً في أي مجتمع بشري، فالخلاف جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان، وسنجده في العلاقات الشخصية أو المهنية، لأن طبيعة الإنسان التنوع، والتعدد في وجهات النظر، والتباين في الآراء، وهذه تسبّب ظهور الخلافات.
وهذه الخلافات ليست شراً في مجملها، بل قد تحمل إيجابيات، وتكون صحية، لأنها تُسهم في تطور العلاقة، وتنمي الفهم تجاه الآخر، بل توضح جوانب من القصور ومكامن الخلل، فتعدّد الآراء يعني الحوار، والتفاهم، وتبادل الأفكار، وهذا، دون شك، سيُفصح عن مختلف الجوانب في الموضوع، وهو ما ينمّي الفهم تجاه الآخر، وقد تكون وجهات نظره صحيحة، أو أفضل مما نحمله وما نريد تحقيقه.
واحد من مكامن الخلافات يقع داخل الأسرة بين الزوجين، وهي خلافات بديهية وحتمية، ومتوقعة الحدوث، وهناك قائمة طويلة ولا تنتهي بالأسباب والمسببات، هناك الاختلافات في الأولويات، والطرق، وأيضاً تباين في المعارف والمعلومات، وبالتالي، تختلف درجة نظر كل من الزوج والزوجة، وفق ما يستند عليه كل منهما من ثقافة ومعلومات ومهارات.
أيضاً هناك سوء التواصل، أو عدم القدرة على التعبير عن المشاعر والأفكار بشكل صحيح، ولا ننسى ما تتعرض له الأسرة من الضغوط، والتي تصيب بشكل مباشر الزوج والزوجة، ويكون لها أثر مباشر وكبير فيهما. وهذه الضغوط قد تكون مالية، أو في بيئة العمل، أو عند تربية الأطفال، وغيرها من الجوانب الحياتية التي يُقدّر لهما التعامل معها ككيان واحد، وكأسرة واحدة.
يقول عالم النفس والباحث في العلاقات الزوجية الدكتور جون غوتمان: «كل الأزواج يختلفون. الأمر ليس فيما إذا كنت ستختلف، بل في كيفية تعاملك مع تلك الاختلافات». أما عالمة الأنثروبولوجيا الدكتورة هيلين فيشر، فتقول: «الحب لا يعني عدم وجود خلافات، بل يعني القدرة على تجاوزها معاً».
وإذا أمعنا النظر، فإن الجميع يتحدث عن حتمية الخلافات، وأنها واقع لا مجال لتجنبه، فهي طبيعة بشرية، وعندما نسلّم بهذه الفكرة، ونفهمها، فإننا ننتقل نحو العلاج، نحو المعالجة، وهذه المعالجة تبدأ باعتبار أي خلاف ليس عقبة، ولا عثرة، بل إنه جانب طبيعي، قد يكون صحياً، وقد يكون فيه فائدة للطرفين. لذا، عندما نصطدم برأي مغاير، أو وجهة نظر مختلفة تماماً عما نراه، فمن المفترض التمهل، والنظر بعمق والتفكير، والحوار، بدلاً عن الانفعال والغضب، وإصدار قرارات مستعجلة قد تكون خطأ.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com