قصر الكاتب والديك الإفريقي - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يكتب الروائي الإفريقي (ساحل العاج) أحمد كوروما بالفرنسية، لأنه يتعذر عليه الكتابة بلغة بلده الأم (الملائكية)، فهي، كما يقول في حوار مع شاكر نوري، لغة شفافية لا تصلح للكتابة. ويقول: من أجل أن تكون روائياً كبيراً في إفريقيا يجب أن تمر عبر فرنسا.
ما أريد قوله لا يتصل هنا بظاهرة الكتابة الفرانكفونية، بل المهم أن كوروما قال، إن بإمكانه أن يعيش من واردات كتبه بسبب الإقبال على شرائها بعد فوز أحدها بجائزة «أنتير» عام 1999، وقال، إن كتبه تباع بسعر مرتفع في إفريقيا، ويبلغ سعر إحدى رواياته، كما قال، 200 فرنك في بلد مثل مالي، وهو راتب عامل هناك.
لم يحقق أحمد كوروما ثروة مالية من وراء رواياته، ولكنه من روائها يعيش بشكل محترم، سواء في بلده أو في أي بلد آخر في أوروبا، لكن اقرأ شيئاً من حوار ليلى عزام زنجانة مع الروائي الإيطالي إمبرتو إيكو في مجلة «باريس رفيو» صيف 2008، وهذا ما جاء في مقدمة الحوار: «عندما اتصلت بإمبرتو إيكو للمرة الأولى، كان يجلس إلى مكتبه في قصره المقام في القرن السابع عشر على تلال أوربينو قرب ساحل إيطاليا الأدرياتيكي، أخذ يتغنى بفضائل مسبح قصره، ولكنه تشكك في أنني قد أجد صعوبة في اجتياز الممرات الجبلية المتعرجة، فكان أن اتفقنا على الالتقاء في شقته في ميلانو».
وكيف كانت تلك الشقة؟ «إنها متاهة من الممرات تصطف فيها خزائن كتب ورفوف تصل حتى السقف المرتفع بصورة استثنائية، قال إيكو إنها 30 ألف كتاب، وإن في قصره 20 ألفاً أخرى».
هنا، اترك عدد الكتب في قصر صاحب «اسم الوردة» وفي شقته العديدة الغرف والشرفات والممرات واذهب بفكرك إلى ثروة هذا الكاتب الذي بدأ أكاديمياً وباحثاً متخصصاً في القرون الوسطى، ولكنه ما إن نشر «اسم الوردة» حتى أخذ ينهال عليه المال، وهنا، كيف يتصرف بالثروة؟ ببساطة قصر من القرن السابع عشر، وشقة متاهة.
الأمر في إفريقيا وفي أوروبا مختلف كلياً عن البؤس الوجودي والتراجيدي الذي يعيشه الكاتب العربي الذي يكتب ويكتب حتى ينبت الشعر على سن قلمه، منتظراً ليلة القدر كي تنفتح له بوابة في السماء، ويحصل على جائزة أدبية تحفظ له شيئاً من ماء وجهه، وماء قلمه.
انظر حولك، حتى الكاتب الإفريقي يعيش مثل الطاووس في أوروبا من رواية واحدة، وإذا كان كثيراً عليه الطاووس فهو على الأقل ديك أسود لا يجرؤ ابن ماكرون على نعته بأية صفة عنصرية، لأنه كاتب، ولأن الشرطي الفرنسي حين يعرف أنه أمام كاتب، يؤدي له التحية.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق