تجسد الجهود والمبادرات التي تنفذها الإمارات لدعم اللاجئين حول العالم، نهجها الراسخ في التسامح والعطاء، والتزامها الدائم بحماية وتعزيز منظومة حقوق الإنسان. وتقف الإمارات في مقدمة الدول التي تمد يد العون لكل من دفعتهم الظروف إلى ترك أوطانهم، واللجوء إلى أماكن أخرى، بحثاً عن الأمن والاستقرار، حتى باتت جهودها، تشكل إحدى أهم نقاط الانطلاق الأساسية في الجهود الدولية لمعالجة هذه المشكلة المتفاقمة، خاصة مع وصول عدد اللاجئين والنازحين في العالم حتى منتصف عام 2024 إلى 122.6 مليون نسمة، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
قدّمت الإمارات مجموعة من المبادرات، وبرامج الدعم الفوري للعديد من دول العالم، دون تفريق أو تمييز لأي اعتبارات ثقافية أو دينية أو عرقية، ومن خلال الشراكة مع العديد من الدول والمنظمات الدولية، لإيجاد حلول لقضايا اللاجئين.
وقد أظهرت الإمارات عبر الإسهامات المالية السخية، وجهود الإغاثة المباشرة، والسياسات التقدمية، والدعوات العالمية، التزاماً عميقاً في تخفيف معاناة اللاجئين.
ومنذ بداية الأزمة السورية في عام 2011 قدّمت الإمارات ما يزيد على 4.7 مليار درهم من المساعدات لغوث اللاجئين السوريين، سواء داخل سوريا، أو في كل من الأردن ولبنان والعراق واليونان، من خلال توفير الغذاء والإيواء والرعاية الصحية، وإنشاء المستشفيات الميدانية والمخيمات.
وتشكل استجابة الإمارات لمعاناة اللاجئين السوريين تجربة فريدة، تستحق التوقف عندها مطولاً، لاستخلاص الدروس والعبر في كيفية إدارة الأزمات الإنسانية، والتخفيف من حدة آثارها السلبية.
لجأ السوريون إلى الأردن بأعداد كبيرة، واستقر بعضهم في مخيمات أعدت للاجئين بظروف قاسية جداً، ولعل المخيم الإماراتي الأردني هو المخيم الأكثر ملاءمة لظروف اللاجئين من بين باقي المخيمات، وكما وصفه العديد ب«الخمس نجوم».
ومن خلال زيارتي للمخيم الإماراتي الأردني بمنطقة مريجيب الفهود، شهدت ذروة الجهود الإنسانية الإماراتية لغوث اللاجئين، وذلك بفضل معاييره العالية المستوى وإمكاناته المختلفة لأكثر من 6 آلاف لاجئ سوري.
يتضمن المخيم باقة خدمات متنوعة، وسبل رفاهية، يندر وجودها في المخيمات الأخرى، مثل الملاعب والحدائق وقاعات الأفراح ومكتبة ومشغل للنساء. إضافة إلى المدارس، ومركز طبي ومنطقة تجارية وسوبر ماركت ومطاعم.
ويضم ورشة حدادة ونجارة، ومدرسة رقمية، ومركزاً لأصحاب الهمم، وتسود المخيم حالة من الأمن والهدوء، الناجمة عن التخطيط الاستراتيجي لإدارة المخيم، بقيادة فريق الإغاثة الإماراتي الذي لم يكتفِ بتوفير الخدمات والمرافق المتعددة التي تلبي احتياجات اللاجئين فحسب، بل عمد على إشراكهم فيها، في محاولة لخلق لاجئ منتج يعيل نفسه، ويسعى إلى التخلص من الضغوط، عن طريق الاختلاط بالآخرين، حيث يتوافر كل ما يلزم قاطنيه من صحة وتعليم ودعم نفسي واجتماعي.
وتقام عدة نشاطات ترفيهية، ويتم تقديم تدريب مهني لساكنيه كالحلاقة، والكهرباء، والنجارة، والخياطة وغيرها من المهن التي من الممكن الاستفادة منها عند رجوعهم إلى بلدهم.
ومن أعظم الأمور التي استوقفتني في المخيم، نعمة الأمن التي ننعم بها في الإمارات. فمن خلال حديثي مع اللاجئين، والاستماع لقصص نزوحهم من سوريا، أدركت كم نحن محظوظون بقيادة تسهر على أمننا، دون أن نفكر بما يخبئه لنا المستقبل.
لقد خاض اللاجئون تجربة مروعة، لم يخفف من وطئها غير وجودهم في مكان آمن بفضل الإمارات. إن من أعظم نعم الله على عباده أن يصبح الإنسان آمناً على نفسه، مطمئناً على أسرته، لا يخاف ظلم ظالم ولا جور جائر. إن من ينظر في أوضاع بعض الدول من حولنا يعرف حقاً ما تعنيه هذه النعمة من قيمة عظيمة، فكم من بلاد حولنا يعيش أهلها الخوف والذعر والقلق.
ونحن ولله الحمد نعيش حياة آمنة مستقرة في ظل قيادتنا التي حملت على عاتقها النهوض بهذه الدولة، وتوفير الحياة الكريمة لأبنائها، وحرصت على توفير الأمن والاستقرار لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة. إن نعمة الأمن التي تتمتع بها دولتنا، هي ثمار رؤية قيادة حكيمة، وضعت كرامة الإنسان وسعادته وأمنه على رأس أولوياتها، الشيء الذي جعل دولتنا أكثر بلدان العالم أمناً واستقراراً.
نسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، وأن يحفظ قادتنا ووطننا الذي أصبح مضرباً للأمثال.
0 تعليق