كمال بالهادي
انعقد منتدى الشراكة «روسيا - إفريقيا»، يومي السبت والأحد 9 و10 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، في مدينة سوتشي الروسية، حيث تم خلاله بحث «مواصلة تعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية». وتضع موسكو عينها على القارة السمراء ضمن تنافس ثلاثي مع الصين وأمريكا.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن التعاون بين روسيا ودول إفريقيا يشهد توسعاً متزايداً وتنوعاً ملحوظاً، وذلك خلال رسالة ألقاها وزير الخارجية سيرغي لافروف في افتتاح المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة الروسي الإفريقي، وأشار بوتين في كلمته خلال الجلسة العامة للمؤتمر إلى أن هذا التعاون المكثف يتجسد في البرنامج الشامل للمؤتمر.
وأضاف: إن روسيا والدول الإفريقية تتشارك تطلعاتها نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب قائم على العدالة، والمساواة الحقيقية، واحترام سيادة القانون الدولي، بعيداً عن كافة أشكال التمييز والضغوط والعقوبات الأحادية. كما شدد بوتين على أن روسيا ستواصل تقديم كل المساعدة الممكنة للأصدقاء الأفارقة في مجموعة متنوعة من المجالات، مثل مكافحة الإرهاب والتطرف، ومكافحة الأمراض الوبائية، وحل مشاكل الغذاء والتغلب على عواقبها.
وزير الخارجية الروسي لافروف، قال: إنه تم بالفعل التوصل إلى اتفاقيات بشأن عدد من المشاريع، وتم التوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع دول أفريقية على هامش المؤتمر، لافتاً إلى استمرار بلاده في العمل على تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع إفريقيا، وقال لافروف، خلال الاجتماعات الثنائية على هامش المنتدى الحالي: إنه تم التوصل إلى اتفاقات بشأن عدد من المشاريع المحددة، وتم التوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات مختلفة»، وأضاف: «إن موسكو تعمل على تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع الدول الإفريقية، ولا تزال هناك إمكانية للنمو».
من جانبه أكد أنطون كوبياكوف مستشار الرئيس الروسي، أن روسيا وكما كانت في العهد السوفييتي، مستعدة لتطوير التعاون في مجموعة واسعة من المجالات الضرورية في القارة الإفريقية، بما في ذلك الأمن، وقال كوبياكوف في مؤتمر صحفي على هامش المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة بين روسيا وإفريقيا: «إن روسيا، كما كانت في عهد الاتحاد السوفييتي، مستعدة لتطوير التعاون بشأن مجموعة واسعة من المشاكل التي تحتاج إلى حل في القارة الإفريقية، والتي يتعين على جميع البلدان الإفريقية حلها من أجل تحقيق نمو واثق ومستقر».
وأشار إلى أن هذه المجالات تشمل الأمن، بما في ذلك الأمن الغذائي، وضمان السلام والسيادة، والحصول على التعليم، وبناء العلاقات الإنسانية، وتشكيل النقابات المتساوية والمشاركة فيها، والحفاظ على الطبيعة الفريدة للقارة الإفريقية، والرعاية الصحية، وأمن الطاقة، وقطاع الاقتصاد. وأضاف: نخطط لإنشاء نظام مالي مستقل للتسويات مع الدول الإفريقية بحلول عام 2030، وأكد كوبياكوف أن الغرب ليس مهتماً بحل الصراعات في إفريقيا بل من مصلحته خلق التوتر في القارة.
ولأن القارة الإفريقية ظلت لعقود تحت الهيمنة الغربية ومؤسساتها المالية فإن روسيا تسعى لتحرير إفريقيا من الهيمنة الغربية، حيث قالت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية: إن عدداً من الدول الإفريقية الأكثر احتياجاً لا تتلقى مساعدات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لأنهما يوجهونها لدعم نظام كييف.. وصرحت زاخاروفا لوكالة «سبوتنيك»، أن انعقاد المؤتمر الوزاري الأول ل«منتدى روسيا أفريقيا» أظهر أهمية التعددية القطبية وبدّد «الآمال القذرة» لعزلة روسيا.
وأضافت زاخاروفا إنه من دون مبالغة، تُعقد عشرات الاجتماعات الثنائية مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ويجتمع الزملاء الأفارقة مع بعضهم بعضاً، كل هذا يحدث على هامش الحدث.. وهذه المفاوضات مملوءة بجدول أعمال عملي وذي صلة.
وتأمل موسكو من خلال هذه القمة أن تكون إفريقيا، وسيلة لتجنُّب العقوبات الغربية، وتصدير منتجاتها، والتحكم في أسواق الطاقة العالمية من نفط وغاز ويورانيوم خام، وكذلك الثروات التعدينية والمعدنية، لتصبح من خلال ما تمتلكه من ثروات باطنية لا متناهية، وما تسيطر عليه عَبْر شركاتها في مناطق نفوذها داخل إفريقيا، مركز القوة العالمي للطاقة والثروات الطبيعية، وهو ما يمكنها بجانب قوتها العسكرية، وإرثها التاريخي، من تحقيق توازُن مع منافسيها الأكثر قوة منها، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، وامتلاك أدوات ضغط قادرة على تحقيق مصالحها.
كما أن الوجود العسكري الروسي في إفريقيا، لا يزال يقتصر (حتى الآن) على الشركات الخاصة، واتفاقيات تعاوُن «عسكري- تقني»، مع العديد من الدول، وهو ما يفتح الباب أمام زيادة صادرات الأسلحة، وإنشاء قواعد عسكرية في المستقبل القريب، وربما تجنيد مقاتلين يدينون لها بالولاء، ليكونوا وسيلة لتحقيق أهدافها داخل إفريقيا وخارجها، من خلال ما يشاع عن نيتها تأسيس«الفيلق الإفريقي».
0 تعليق