كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ترفض طوال الأشهر الماضية السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» في ضرب العمق الروسي خشية تصاعد وتيرة الحرب والمواجهة المباشرة مع روسيا، في حين كانت كييف تتوسل استخدام هذه الصواريخ لعلها تغير مسار الحرب وتحدث فرقاً ميدانياً لمصلحتها.
وأخيراً أعطى الرئيس الأمريكي الضوء الأخضر لكييف كي تستخدم هذه الصواريخ، بحجة وجود مزعوم لقوات من كوريا الشمالية تقاتل إلى جانب القوات الروسية.
القرار الأمريكي يحمل في طياته بعداً أكبر من تبرير وجود قوات كورية شمالية، إنه يضع الإدارة الأمريكية الجديدة أمام واقع تحاول تفاديه بعدم الانخراط في مواجهة مباشرة مع روسيا، والسعي لإيجاد حل سياسي، وهو ما أشار إليه الرئيس المنتخب دونالد ترامب في أكثر من مناسبة.
كما أن القرار إذا أقدمت كييف على تنفيذه وشنت هجمات على العمق الروسي بهذه الصواريخ سوف يؤدي إلى رد روسي أكيد قد يتجاوز الأراضي الأوكرانية، خصوصاً أن وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن «تخطيط أوكرانيا لتنفيذ الضربات الأولى باستخدام أسلحة بعيدة المدى في الأيام المقبلة»، كما أن فرنسا وبريطانيا سمحتا لكييف بضرب العمق الروسي، وفقاً لصحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، وذلك باستخدام صواريخ «ستورم شادو» و«سكالب».
القرار الأمريكي يعتبر تحولاً كبيراً في السياسة الخارجية، وذلك قبل شهرين من تولي الرئيس ترامب السلطة، في حين كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حذر من الإقدام على مثل هذه الخطوة «لأنها تعني دخولاً مباشراً لحلف الناتو في الصراع»، كما أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد أن ضرب العمق الروسي بأسلحة غربية هو «لعب بالنار، وقد يسفر عن عواقب خطرة».
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي علق على قرار الرئيس الأمريكي بالقول «الضربات لا تتم بالكلمات.. الصواريخ تتحدث عن نفسها». لكن هل تستطيع صواريخ «أتاكمز» و«ستورم شادو» و«سكالب» تغيير ميزان القوى لصالح كييف كما يأمل زيلينسكي؟
المعلومات تشير إلى أن عدد هذه الصواريخ محدود، لذا فإن قدرة كييف على الضرب في عمق روسيا والمدى الأطول لهذه الصواريخ هو 100 كيلومتر، وذلك لن يؤدي إلى تغيير في مسرح المعركة، مع الإشارة إلى أن روسيا أقدمت على إخلاء قواعدها ومطاراتها في نطاق مدى هذه الصواريخ منذ أشهر كما يشير معهد دراسة الحرب، تحسباً لاستخدامها.
ومع ذلك فإن إعطاء الضوء الأخضر بضرب العمق الروسي يعتبر خطوة خطرة، «لأن روسيا قد ترد باستخدام القوة ضد القواعد العسكرية الأمريكية ومختلف المواقع والمنشآت الأوروبية، بما في ذلك إشعال الحرائق وتنفيذ أعمال تخريبية» حسب صحيفة «نيويورك تايمز»، كما أن سفارة الصين في واشنطن حذرت من «صب الزيت على النار» وتأجيج الصراع، ودعت إلى «تهيئة الظروف لتسوية سياسية»، في حين حذر رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك من رد فعل روسيا المحتمل، وكتب على منصة (إكس) «المشكلة أن روسيا سوف ترد بالمثل».
وقالت مارغوري تايلورغرين، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي «إن قرار بايدن محاولة لإشعال حرب عالمية ثالثة»، وأضافت أن الشعب الأمريكي «لا يريد تمويل الحروب الخارجية، بل يريد حل مشاكله بنفسه».. خطوة بايدن لها ما بعدها، وقد لا يكون ختامها في مصلحة الأمن والسلم العالميين.
0 تعليق