قلت للقلم شاجباً، مندّداً، مستنكراً، هل في واقع البحث العلمي والموضوعية المنهجية في الدراسات، شيء يشبه بهلوانية هذا العنوان؟ كيف لا تحذر غضبة القارئ الحليم، وهو النَّقاد الوقّاد، الفاحص الماحص، قنّاص كل «فنّاص»؟ قال: العنوان بريء من الخدع، مجرّد سؤال ساذج: ماذا لو تصوّرنا العالم العربي كجسم كائن حيّ؟
قلت: يا للمثال، فيه تكتشف أن جهاز مناعته المكتسبة مختلّ معتلّ جرّاء كل فيروس محتال محتلّ. هنا نواجه مشكلةً فنيةً علميةً، إذ لا يوجد في الطبيعة، من النبات إلى الحيوان، كائن لم تسلّحه العناية بجهاز مناعة تتجلى فيه بدائع التكتيكات وروائع الاستراتيجيات. تتفاوت مستويات البساطة والتعقيد، حسب الكائن وتعقيد تكوينه. ذوات الخلية الواحدة لا ترقى في تعقيد جهاز مناعتها، إلى التعقيدات النجومية التي تحكم الأنظمة البالغة التعقيد في قمّة الثدييّات العليا، الإنسان. المسألة أبعد من مناعة خلايا الدماغ، فحتى تشابكاتها العصبية تحكمها أنظمة بالغة التعقيد في المناعة.
قال: إذا تركنا الالتواء، فإن المقصود هو أن العالم العربي يمثل حالةً غير طبيعية، ونحن عندما نتحدث عن المناعة المكتسبة، نعني أنها تأتي ضمن مواصفات المصنع. يولد الجنين وفي مناعته مواطن هشاشة. هل تعرف اللَّبأ؟ هو الجرعات الأولى من حليب الأم بعد الوضع. إنه صيدلية مدججة بمضادات الأمراض، لهذا تكون حصانة الوليد حتى الشهر السادس عصيّة على الأدواء. كيف عجزت ملايين الأمّة بعقولها ومحركات هويتها وتنوع منظومة قيمها عبر سلاسل شتى من الحضارات، عن ترميم جهاز مناعتها العامة وإعادة بنائه وتجديده عبر الإحساس بالزمن والقدرة على التعلم.
قلت: أنصحك بعدم التعريض الهجائي. لعلك تعلم أن أدمغة الآدميين متساوية في الذكاء، لكن الدول الاستعمارية في التاريخ الحديث عمدت إلى جعل كل ما يزيننا شيناً. ألم تسمع بالمقولة العربية القديمة: «المؤمن غِرٌّ كريم»؟ لهذا أوقعنا حسن نوايانا في ألف مصيدة. مصيبة. نحن اليوم مذهولون أمام مروّعات خمسين ألفاً من الأرواح وثلاثة أضعافهم من المصابين في غزة، ولا ننسى أكثر من خمسمئة ألف طفل عراقي ماتوا مرضاً وجوعاً وحصاراً، وأكثر من مليون عراقي أبيدوا بأكذوبة. وكم عدد ضحايا سوريا وليبيا؟ هل تذكر الرد على صفعة الدّاي الجزائري على وجه السفير الفرنسي بالمنشة؟ كان 130 عاماً من الاحتلال ومليون شهيد.
لزوم ما يلزم: النتيجة التربوية: هل على العرب أن يبتكروا تربيةً وطنيةً تلقّن الدارسين أن الأوطان هدايا «تبيّض الوجوه» أمام المحتلين؟
[email protected]
0 تعليق