نسمع بين وقت وآخر مفهوم الاقتصاد الدائري، والحديث عنه يتزايد، والبعض عندما يتحدث عنه، لا يقدم أي تعريف أو معلومات، وكأنه مصطلح عام ومتعارف عليه وشائع استخدامه، والحقيقة غير هذا تماماً، حيث تتعدد التعاريف حوله، وتوجد حالة من النقاش عنه، لا تنبئ بمعرفة جوانبه ولا دلالاته.
والحقيقة أن هذا المفهوم انتشر بسبب التحديات البيئية والاقتصادية التي يواجهها العالم في هذا العصر، ومعها أصبح مفهوم الاقتصاد الدائري ينتشر ويكتسب أهمية متزايدة، كبديل للنماذج الاقتصادية التقليدية. والسؤال البديهي: ما هو الاقتصاد الدائري؟ بل كيف يمكن أن يسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة؟ وباختصار، ومباشرة: الاقتصاد الدائري هو نظام اقتصادي يهدف إلى تقليل النفايات وتنمية استخدام الموارد، وهو على عكس النظام التقليدي، الذي يعتمد على مبدأ «استخراج- إنتاج- نفايات».
لذا، نجد أن الاقتصاد الدائري يسعى إلى إعادة تصميم العمليات الإنتاجية بحيث تستخدم المواد والموارد مراراً وتكراراً. وهذا يتضمن إعادة التدوير، وإعادة الاستخدام، والتجديد، ما يساعد على تقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية والضغط عليها.
وقد وضع علماء البيئة والاقتصاد والدارسون في هذا المجال مبادئ للاقتصاد الدائري، من بينها التصميم المستدام، وهو يعني التركيز على تصميم المنتجات بطرق تضمن إمكانية إعادة استخدامها أو إعادة تدويرها بسهولة، ويجب أن تكون المواد المستخدمة صديقة للبيئة وقابلة للتحلل. أيضاً إعادة الاستخدام يهتم بتشجيع استخدام المنتجات لأطول مدة ممكنة من خلال إصلاحها أو تحديثها بدلاً من التخلص منها.
ولا ننسى مبدأ إعادة التدوير الذي يهتم بتحويل المواد التي لم تعد تستخدم إلى مواد جديدة، ما يقلل من الحاجة لاستخراج موارد جديدة. أيضاً من المبادئ التقليل من النفايات، وذلك من خلال تحسين العمليات الإنتاجية وتحسين كفاءة استهلاك الموارد.
والحقيقة أن مفهوم الاقتصاد الدائري يكتسب كل يوم شركاء ومتضامنين، لأنه يحقق الكثير من الفوائد، مثلاً: تقليل الطلب على المواد الخام، وهذا يؤدي إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة. أيضاً هو يسهم في تقليل النفايات وتحسين عمليات الإنتاج، أيضاً يقلل من انبعاثات الكربون والتلوث البيئي.
يشجع الاقتصاد الدائري الشركات على الابتكار في تصميم المنتجات وعمليات الإنتاج، ما يمكن أن يؤدي إلى تطوير تقنيات جديدة.
دون شك، الانتقال إلى الاقتصاد الدائري يمثل خطوة حاسمة نحو بناء مستقبل مستدام، وهو ضرورة لضمان بقاء كوكبنا للأجيال القادمة.