في إطار انشغال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب باختيار أعضاء إدارته، للمباشرة بعملها بعد دخوله إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، أعلن اختيار الجنرال المتقاعد كيث كيلوغ (80 عاماً) مبعوثاً خاصاً له إلى روسيا وأوكرانيا للعمل من أجل وقف الحرب هناك.
وكتب ترامب على منصة «تروث سوشيال»، أن الجنرال كيلوغ «معي منذ البداية، معاً سنحصل على السلام بالقوة، وسنجعل أمريكا والعالم آمنين مجدداً»، ولم يوضح الرئيس الأمريكي المنتخب ما المقصود من «السلام بالقوة»، الأمر الذي يوحي بأن إدارته قد تلجأ إلى تدابير زجرية ضد روسيا وأوكرانيا في معالجتها لمسألة الحرب، لتنفيذ وعده الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية بوقف الحرب خلال 24 ساعة!
كما أن قرار تعيين جنرال لمهمة سلمية، يحمل في طياته جانباً سلبياً وآخر إيجابياً من حيث وسائل معالجة أسباب الحرب وشروطها، باعتبار أن تعيينه فيه شيء من «عسكرة» المهمة، كما أنه يعطي ثقة بمعرفة الواقع الميداني، وخصوصاً ما يتعلق بوضع القوات الأوكرانية على الجبهة، وقدرتها على الصمود، وما إذا كانت روسيا مستعدة لتقديم تنازلات في ما يتعلق بالمناطق التي أعلنت ضمها خلال العامين الماضيين، أو في شبه جزيرة القرم المحتلة.
لا شك في أن للجنرال كيلوغ خبرة عسكرية طويلة، فهو عمل خلال ولاية ترامب الأولى بين العامين 2017 و2021 مساعداً لنائب الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي مايك بنس، وعمل مستشاراً للأمن القومي بالوكالة، بعد استقالة مايكل فلين الذي كان يشغل المنصب، على خلفية الكشف عن اتصالاته مع المسؤولين الروس، كما يتمتع كيلوغ بخبرة عسكرية لمدة ثلاثين عاماً في الجيش الأمريكي، وهو جنرال بثلاث نجوم، سبق له أن خدم ضابطاً مسؤولاً في سلطة التحالف في العراق عام 2003، وهي الهيئة المؤقتة التي حكمت العراق آنذاك، ولديه خبرة في العلاقات الدولية، في أوروبا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وإفريقيا، وهو حاصل على شهادة في العلوم السياسية من جامعة سانتا كلارا، وبذلك فهو يجمع بين الخبرات العسكرية والسياسية.
لكن، من السابق لأوانه معرفة قدرته على التعامل مع ملف الحرب الأوكرانية، وتفكيك تعقيداته السياسية والعسكرية، وإقناع الرئيس الأوكراني زيلنيسكي بأن «خطة النصر» التي يتمسك بها لن تتحقق مع المستجدات الأوروبية الجديدة، وعدم قدرة حلف الأطلسي على المضي في دعمه، وأيضاً إقناع روسيا بالتنازل عن مطالبها الجغرافية، وخصوصاً في شرق أوكرانيا.
لقد سبق للجنرال أن تطرق إلى الحرب الأوكرانية في مقال نشره في إبريل/ نيسان الماضي، واعتبر فيه أن «أي مساعدة عسكرية أمريكية مقبلة ستتطلب من أوكرانيا أن تشارك في مفاوضات سلام مع روسيا»، كما دعا إلى «إرجاء انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) لفترة طويلة»، بهدف إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمشاركة في مفاوضات السلام. وهذا يعني أن أية مساعدات عسكرية أمريكية لأوكرانيا مرتبطة بانخراطها في محادثات السلام، وأن انضمامها لحلف الأطلسي مسألة طويلة، وربما معدومة.
من الآن وحتى 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، يمكن أن يتضح مستقبل الحرب الأوكرانية، لكن من الواضح أنها دخلت مرحلة جديدة مع تعيين الجنرال كيلوغ.
0 تعليق