الحلول العمليّة في نهوض العربيّة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل عجيبٌ طرحُ فكرة غير عاديّة لوهن مناهج اللغة العربية؟ هذا مقترح بعد سنين من تقليب الحلول على وجوهها. ليس غريباً ألاّ تهتدي أنظمة التعليم إلى أفضل ما يرفع الوزر الثقيل عن كاهل المناهج؟
استجلاءً للحقيقة، المشكلة التي غرّز فيها واضعو المناهج في البلدان العربية، هي إهمال التجارب الذهنيّة، وغياب مغامرات المقارنة بميادين مختلفة، فالتربية التقليدية لا تؤسس على زرع البحث العلمي مبكّراً. التجارب الذهنية تجعلك تكذّب ما ترى، فترى ما لم تكن لتراه لو أنك ظللت تعتقد أن ما تراه حقيقة. ألم يقولوا منذ القديم: «الشك يؤدي إلى اليقين»؟
لماذا يتصور التربويون أن بيض حلول المعضلات كله في سلّة القواعد؟ التاريخ يقزّم هذا الوهم. أهزل الحماقات التي راودت بعض المستشرقين، التشكيك في عظمة بنيان العربية، والأدب الذي قام عليها. هل يخطر على بال خبير باللغة والأدب، أن قوماً يستطيعون في قرن واحد اختراع ستة عشر وزناً شعريّاً، وأن يقولوا فيها ملايين الأبيات، وأن تأتي في أساليب في القمّة، من دون أيّ تدرّج في النمو وارتقاء على مراحل؟
لم يفكر الأساتذة في أعجوبة أن العرب طوال خمسة عشر قرناً ظلوا يتعلمون على أيدي أناس لم يتعلموا، ولم تكن لهم مناهج ولا مدارس ولا نحو ولا صرف ولا بلاغة. لكن لهم معلّقات، وليس عربيّاً من لا يعرف «قفا نبكِ»، «إذا بلغ الفطام»، «فوددت تقبيل السيوف»... خلاصة القول إن التنشئة منذ الحضانة أو الابتدائية على الفصحى تضمن استقامة اللسان وسلامة البيان. في حين أن القياس على المعاهد الموسيقية يعطينا المنطق العلمي الذي لا يخطئ.
الحجة القاطعة: تخيّل دارس موسيقى يظل منهاجه خمس سنوات متمثلاً في شرح الأستاذ أعمال المؤلفين الموسيقيين للبيانو، والطالب لا يمارس العزف. أليس هذا هو ما تفعله المناهج العربية؟ يشرحون للطلاب الشعر العربي من الجاهلية إلى العصور الإسلامية إلى الأندلس، وعدداً من المعاصرين، كذلك في فنون النثر ومدارس النقد. وتتمثل الممارسة في نقد الأدب وتحليله. أين ممارسة الإبداع أيها الأفاضل؟ طالب الموسيقى يتمرّن ست ساعات في اليوم على الآلة خمس سنوات بأساليب وتقنيات لعظماء الموسيقى. في النهاية، كل المهارات ملك اليدين. أمّا في الفرع الأدبي، فالممارسة عمليّاً صفر.
لزوم ما يلزم: النتيجة المأساوية: يتخرج دارس الآداب، لا لسانه استقام، ولا هو مالك لمهارات الإبداع. هاتوا برهانكم.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق