عذب الكلام - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أمّ اللغات
من فنّ التطريز، في البلاغة، أن تأتي في الأبيات مواضع متقابلة، فتكون القطعة كأنها طراز، منه قول أبي تمّام:
أَعوامُ وَصْلٍ كانَ يُنسي طولَها
ذِكرُ النَوى فَكَأَنَّها أَيّامُ
ثُمَّ اِنبَرَت أَيّامُ هَجْرٍ أَردَفَت
بِجَوى أَسى فَكأَنَّها أَعْوامُ
ثُمَّ انْقَضَت تِلكَ السُّنونُ وأَهلُها
فكَأَنَّها وكَأَنَّهُم أَحْلامُ
وقول الدّماميني:
الدَّمْع قاضٍ بافْتِضاحي في هَوى
‏ظَبْيٍ يَغارُ الغُصْنُ منه إذا مَشى‏
وغَدا بِوَجْدي شاهِدٌ ووَشى بِما
أخْفي فيا لِلّهِ مِنْ قاضٍ وَشا
دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر
داءٌ ألَمَّ
خليل مطران
(بحر الكامل)
داءٌ ألَمَّ فَخِلْتُ فِيهِ شَفائِي
مِنْ صَبْوَتِي فَتَضَاعَفَتْ بُرَحائِي
يا لَلضَّعِيفَيْنِ اسْتَبَدَّا بِي وما
فِي الظُّلْمِ مِثْلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفاءِ
قَلْبٌ أَذابَتْهُ الصَّبابَةُ والْجَوى
وغِلالَةٌ رَثَّتْ مِنِ الأَدْواءِ
والرُّوْحُ بيْنَهُما نَسِيمُ تَنَهُّدٍ
فِي حالَي التَّصْوِيبِ والصُّعَداءِ
يا زَهْرَةً تُحْيِي رَواعِيَ حُسْنِها
وتُمِيتُ نَاشِقَها بِلا إِرْعاءِ
والعَقْلُ كَالمِصْباحِ يَغْشَى نُورَهُ
كَدَرِي ويُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمائِي
هذا الَّذِي أَبْقَيْتِهِ يا مُنْيَتِي
مِنْ أَضْلُعِي وَحَشاشَتِي وذَكائِي
هذا عِتابُكِ غَيْرَ أَنِّيَ مُخْطِئٌ
أَيُرامُ سَعْدٌ فِي هَوى حَسْناءِ
شاكٍ إِلى البَحْرِ اضْطَرابَ خَواطِرِي
فَيُجِيبُنِي بِرِياحِهِ الهَوْجاءِ
يا لَلْغُرُوبِ وما بِهِ مِنْ عِبْرَةٍ
للِمْسْتَهامِ وعِبْرَةٍ لِلرَّائي
من أسرار العربية
المَسْكُ، بفتح الميم وسكون السين: الجِلْد، وخَصَّ بعضهم به جلد السَّخْلة. ثم كثر حتى صار كل جلد مَسْكاً، والجمع مُسُكٌ ومُسُوك
والمِسْكُ بكسرها: ضرب من الطيب مذكّر وقد أَنثه بعضهم على أنه جمع، واحدته مِسْكة وأصله مِسَكٌ بفتح السين.
هفوة وتصويب
يقول بعضهم: «وقد بلغت كتبه نَيّفاً ومئتي كتاب».. أي أنها أكثر من مئتين.. وهذا استخدام خطأ لكلمة «نيف».. وفي صحيح اللغة: النَّيّفُ: الزيادة، وبعضهم يخفّفها «نَيْف»، والتثقيل أفصح. و«النَّيِّفُ» من واحد إلى ثلاث، والبضع من أربع إلى تسع، ولا يقال «نَيِّفٌ» إلّا بعد عقد، نحو: عشرة ونيّف، ومئة ونَّيف، وألف ونيّف. وأنافت الدراهم على المئة: زادت. ويقال: قصرٌ نِيافٌ، وناقةٌ نِيافٌ، وجملٌ نِيافٌ، أي طويلٌ في ارتفاعه، قال امرؤ القيس:
نِيافاً تَزِلُّ الطيرُ عن قُذُفاتِهِ
يَظَلُّ الضَبابُ فوقه قد تَعَصَّرا
وقال طَرَفة:
وأَنافَتْ بهَوادٍ تُلُعٍ
كجُذُوعٍ شُذِّبَتْ عنها القُشُرْ
من حكم العرب
أَحبِب إِذا أَحبَبتَ حُبّاً مُقارِباً
فَإِنَّكَ لا تَدْري مَتى أَنتَ نازِعُ
وأَبغِض إِذا أَبغَضْتَ بُغْضاً مُقارِباً
فَإِنَّكَ لا تَدْري مَتى أَنتَ راجِعُ
وكُنْ مَعْدَناً لِلحِلْمِ واصفَحْ عَنِ الأَذى
فَإِنَّكَ راءٍ ما عَمِلتَ وسامِعُ
الأبيات لأبي الأسود الدؤلي، يقول فيها إن التروّي والتمهّل في اتّخاذ قرارات مصيرية، يحمل مخاطر، لأن اتّخاذ قرار بأي شأن، ثمّ اكتشاف التسرّع، ومحاولة التراجع عنه، فيه خسارة لاحترام الآخرين.

أخبار ذات صلة

0 تعليق