قراءات - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

الروايات، أو الكتب، عموماً، التي نقرؤها مرّتين قد يكون فيها ما يشبهنا مرّتين، وإذا أردت يقيناً ما من هذه الفرضية، عد إلى تلك الكتب إذا كنت مازلت تحتفظ بها مذ أن قرأتها في شبابك، لا بد أن شيئاً ما يشبهك هناك في تلك الكتب. بطل رواية عاشق مثلاً، فكرة فلسفية جهنمية كما يقولون. لغة ما ساحرة. صورة شعرية خارقة للعادة اللغوية.. وهكذا، ابحث إذا أردت عن ذاتك أو نفسك هناك، في تلك الكتب القديمة.
أحب الهوامش المتروكة على حواف الصفحات، وقد كتبها عادة بقلم الرصاص أو الحبر الجاف قارئ قديم. هو القارئ الذي سبقك إلى الكتاب. مرة ثانية لا بد أن شيئاً ما يشبه ذلك القارئ في تلك الهوامش، وإلّا لماذا هي بالذات هذه الهوامش بقيت متروكة هكذا على حواف الورق، لكي لا تسقط من الذاكرة؟
أحياناً، قد تترك إلى جانبك على طاولة القراءة بعض الملاحظات الصغيرة التي تبدو وكأنها رؤوس أقلام مؤجلة من أجل أن تصبح رؤوس قصائد. أو رأس كتابة. أو رأس قراءة.
أمس وجدت أن طائفة تسمّى «الناير» في مملكة «مالابار» تعبد الشمس والقمر والمصباح الزيتي والأبقار.
هنا، لماذا الشمس أو لماذا عبادة الشمس؟ ربما من أجل الضوء والحرارة، ولماذا القمر؟ ربما من أجل الحب، ولماذا المصباح الزيتي؟ ربما من أجل الشعر؟ ولماذا الأبقار؟ ربما من أجل الحليب.
تأخذ الهوامش، أحياناً، إلى ما لم تعرفه من قبل. هذه ملاحظة بقلم برتقالي عن كتاب بعنوان «كتاب الشجر والكلأ»، وكتاب ثانٍ بعنوان «كتاب النبات للأصمعي»، وكتاب ثالث بعنوان «كتاب النبات للدينوري». ولماذا كل شيء عن النبات؟ ربما لأنك ولدت تحت زيتونة، وأرضعتك شجرة تين، وتغطيت بصفصافة.
أعود من وقت إلى آخر إلى «الصحاح في اللغة والعلوم= معجم وسيط»، وأحب نسختي القديمة المتآكلة (إصدارات دار الحضارة العربية_ بيروت. الطبعة الأولى 1975). في التقديم للعلّامة الشيخ عبد الله العلايلي، نقرأ ما قاله في السطر الأول لكي نتعلم شيئاً من قوّة الإيجاز والضبط والدلالة. يقول الشيخ العلايلي عن الصحاح: «بعضه إحياء، وبعضه تجديد، هذا هو الكتاب الذي بين يديك». ثم يقول: «ليكون شهادة بأن العربية كانت وما فتئت، كلمة حضارة، وموئل سعي إنساني صاعد».
تظل العربية في صعود حضاري، وثقافي، وجمالي حتى أبعد من الجوزاء.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق