لا كساد للافتراء على النجوم - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

هل أفرغ المنجّمون الجراب والمزود من زاد النجوم؟ لك أن تقول: أنّى تكون للعرب فيزياء فلكية، وهؤلاء الأساطين في التخابر مع طوالع السعد والنحس، سطوا على كل بث يستطيب الغثّ والعبث. المسألة ليست من بنات العصر، فهي من هنات الدهر، ولو كانت تسليةً هزليّةً هزيلةً، ما كان عليها من حرج، لكن، لا يليق بالفضائيات سوء استغلال الإعلام للضحك من الذقون. هذا انتحال لشخصية الإعلام، في حين أن المشاهدين والمستمعين والقرّاء، أمانة لدى الوسائط السمعية البصرية، وإلّا وقعت في قضايا خيانة الأمانة. الضحك من الذقون ليس لعبةً ولا نزهةً مريحةً، فالافتراء على النجوم، يتضارب جملةً وتفصيلاً مع العلم والدين والأخلاق والمسؤولية الاجتماعية والتربوية والقضائية الحقوقية.
علميّاً، قد يستطيع المفترون ادّعاء أن النجوم والمجرّات لها أثر فيزيائي في مخلوقات الأرض، من قبيل التشابكات الكمومية، أي وجود علاقة تفاعلية بين جُسيْميْن، حتى لو كانت المسافة بينهما ملايين السنين الضوئية. لكن، من الجنون تصوّر نجم أو كوكبة أو مجرّة أو عنقود مجرّي، يبعد مسافات خياليةً، تربطه علاقة مباشرة أو افتراضية، بمنجّمة في لبنان أو منجّم في باريس، ويفتح له ملفات شخصيات سياسية، فنيّة، رياضيّة. قلّة عقل من وكالة الاستخبارات الأمريكية والموساد و«إم.آي 6»، إنفاق المليارات في الحصول على المعلومات عن الأفراد والمؤسسات وأسرار الصناعة والتسلّح. يكفي تجنيد بضعة نجوم في كل مجرّة، وتجري الأمور سمناً على عسل. وإلّا فهل يُعقل أن تكون المنجّمة أقدر على ذلك من عمالقة الاستخبارات؟
النظر إلى الفرية من زاوية الدين الإسلامي بالذات، يضع علامات استفهام وتعجّب أمام وسائط الإعلام التي رمى لها المنجمون بقشر الموز. القضية محسومة عندنا، في كتاب الله: «وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ» (الأنعام 59). على من يعود الضمير؟ فما محلّ المنجمين من إعراب الغيبيّات؟ من السهل عليهم تجاهل أبي تمام: «أين الرواية بل أين النجوم وما.. صاغوه من زخرف فيها ومن كذبِ»، فما رأيهم في القطع والجزم: «إلّا هو»؟ أم أن النجوم أعطتهم صكوك الاستثناء؟
أخلاقيّاً، لا يليق بالفضائيات الترويج لموادّ تضليل للعقل والوعي تكبح النهضة العلمية وتربك الإيمان السليم. اجتماعياً، هذا سوء استغلال لغير العارفين. تربوياً، هذه إساءة إلى الأبرياء. أمّا قضائياً، فبأي حق يعلن المنجّم أن شخصيات عامّةً أو بلداناً، سيصيبها مكروه؟ أليست جرائم موصوفة؟
لزوم ما يلزم: النتيجة العجبيّة: الداء بهذا الاستفحال، وأغرب منه من لا يكترثون والعلاج بأيديهم.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق