يجب اكتشاف هذه المهارة - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

كما هو واضح، وكما نعيشه اليوم، فإن التقنية‏ تهيمن على التواصل البشري، وتزدحم الحياة بضغوط العمل ومتطلبات الحياة، ويبدو أن الذكاء العاطفي أصبح مهارة مفقودة أو على الأقل مهمشة. هذه القدرة التي تتعلق بفهم مشاعرنا ومشاعر الآخرين، والتعامل معها بحكمة، باتت تغيب عن الكثير من علاقاتنا، ما يؤدي إلى تصدعات خفية في الحياة الاجتماعية يصعب ترميمها.
الذكاء العاطفي ليس مجرد مفهوم نظري، بل هو مهارة عملية تظهر نفسها في كل تفاعل نقوم به. عندما نفهم مشاعرنا ونديرها بشكل صحي، نكون أكثر قدرة على الاستماع للآخرين، تفهمهم، والتفاعل معهم بطريقة تبني الثقة والتواصل الحقيقي، لكن في العلاقات الحديثة، حيث يختصر التعبير عن المشاعر في رموز تعبيرية على شاشة الهاتف، فقدت هذه المهارة كثيراً من أهميتها وأصبحت الفجوة بين الناس تتسع.
نقص الذكاء العاطفي يظهر في مظاهر عديدة، كعدم القدرة على التعاطف مع معاناة الآخرين، أو الفشل في إدارة الخلافات بطريقة بناءة، أو حتى عدم فهم كيف يمكن لكلمة أو فعل بسيط أن يؤثر في شخص آخر.
العلاقات الاجتماعية أصبحت، في كثير من الأحيان، قائمة على السطحية أو المصالح المشتركة، بينما تهمل الأساسيات التي تجعل الروابط بين الناس عميقة ومستدامة.
العلاقات التي تفتقر إلى الذكاء العاطفي تصبح هشة، الشريك الذي لا يستطيع التعبير عن مشاعره، أو الصديق الذي يقلل من أهمية مشاعر الآخر، أو الزميل الذي يفتقر إلى فهم تأثير كلماته في من حوله، كلها أمثلة على ضعف الذكاء العاطفي وتأثيره السلبي.
ولكن لماذا نقص الذكاء العاطفي شائع اليوم؟ ربما لأن الحياة أصبحت تسير بسرعة كبيرة، لدرجة أننا نادراً ما نتوقف لنفكر في مشاعرنا أو مشاعر الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، نمط التربية الذي يركز على الإنجاز المادي أو الأكاديمي دون التركيز على الجوانب العاطفية يجعل الأجيال الجديدة تفتقر إلى أدوات التعامل الصحي مع المشاعر.
لحسن الحظ، الذكاء العاطفي ليس مهارة ثابتة، بل يمكن تعلمها وتنميتها، يبدأ ذلك بالوعي الذاتي، أن نفهم مشاعرنا ونعترف بها، بدلاً من إنكارها أو قمعها، ثم يأتي دور التعاطف، القدرة على رؤية الأمور من وجهة نظر الآخر والشعور بما يمر به.
الذكاء العاطفي ليس رفاهية، بل هو ضرورة لبناء علاقات صحية ودائمة، إذا أردنا استعادة معنى العلاقات الإنسانية، يجب أن نبدأ بإعادة اكتشاف هذه المهارة المفقودة.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق