أعلام وأَوتاد الشعر العربي الفصيح والنبطي في الإمارات كانوا رجالات علم وتعليم ووجهاء مجتمع، وَبُناة مدارس واقتصاد. كانوا أصدقاء أقرانهم من أدباء العراق والشام ومصر، وهم روّاد في ديوان العرب، والبعض برع في جماليات الخط العربي مثل الشاعر ورجل التعليم مبارك العقيلي، وحين نجري شريطاً سينمائياً وثائقياً للشعر في الإمارات تظهر أولاً جماعة الحيرة الشعرية في الشارقة أوّل الدوائر الأدبية في منطقة الخليج العربي.
في ضوء أي قراءة سريعة أو متمهّلة لظاهرة شعراء الحيرة، يتضح تلقائياً أن مرجعيات الشعر الإماراتي تعود إلى الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين، وذلك بالنظر إلى الأعوام التي ولد خلالها شعراء الحيرة، باستثناء الأقدم بين ذلك الرعيل الريادي الشعري الإماراتي وهو الشاعر سالم بن علي العويس الذي ولد في نهايات القرن التاسع عشر 1887، وتوفي في 1959.
بقية شعراء الحيرة ولدوا في العشرينات من القرن العشرين: خلفان بن مصبح، صقر القاسمي، وسلطان بن علي العويس، وبذلك يكون أثرهم الشعري المباشر أو الواقعي مكثفاً في النصف الثاني من القرن العشرين.
يسبق هذه الكوكبة من الشعراء الإماراتيين شعراء آخرون أقدمهم الملّاح والرحّالة والجغرافي الفلكي أحمد بن ماجد 1421 - 1500، ومن بعده الشاعر النبطي الماجدي بن ظاهر 1781 - 1871، الغوّاص وتاجر اللؤلؤ وأوّل من خبر طبيعة تراب رأس الخيمة، إذ يُروى أن بن ظاهر حدّد بنفسه مكان قبره (يقال في منطقة الخرّان في رأس الخيمة) بعد فحصه لأفضل تربة يمكن أن يُدفن فيها رفات بشري.
يرتبط شعراء الإمارات القدامى بمهن وأعمال واقتصاديات مبكرة مرموقة. سلطان بن علي العويس تاجر لؤلؤ رفيع القيمة والمعنى الثقافي والأخلاقي في بلاده، الشاعر محمد بن حاضر اقتصادي ورجل أعمال ناجح، الشاعر د. أحمد أمين المدني من أقدم الأكاديميين العرب وفي منطقة الخليج، حصل على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية في أواخر خمسينات القرن العشرين، ودرس الفرنسية في السوربون، وهو من أوائل رجالات الصحافة الثقافية في منطقة الخليج العربي.
أعلام الشعر في الإمارات قدامى، ولكنهم راسخون في الذاكرة الثقافية المحلية: مانع سعيد العتبية، راشد الخضر، حمد بوشهاب، حبيب الصايغ، عارف الخاجة، وغيرهم.
يقرأ في الشارقة وفي مهرجان الشعر العربي عشرات الشعراء العرب، ويهمّهم، بالطبع، معرفة الأصول والجذور الأدبية في المكان الذي هم فيه الآن، والمكان في حدّ ذاته مكانة رفيعة للشعر العربي حافظ الهوية واللغة والذاكرة.
[email protected]
0 تعليق