هي سنّة الحياة، كل عام يمر يُكتب فيه رحيلُ ناس وولادة آخرين، بدايات ونهايات لا بد أن نشهدها، ويكون للوسط الفني نصيب منها، في 2024 ودع الوسط الفني مجموعة من الفنانين، لا شك أن لكل منهم بصمة وأن لكل منهم جمهوراً أحبه وحفظ أعماله وصفق له، إنما البصمات درجات في الفن، وأمثال النجمين صلاح السعدني ونبيل الحلفاوي تكون بصمتهم بارزة جداً ومميزة جداً لدرجة أنها تبقى محفورة في ذهن الجمهور ويبقى لاسم النجم بريقه اللامع مهما ابتعد عن الظهور ومهما قلل من نسبة مشاركته في أعمال ينتقيها بعناية شديدة.
العمدة سليمان غانم (ليالي الحلمية) وحسن أرابيسك (أرابيسك)، لم تكن أسماء شخصيات جسدها النجم الراحل صلاح السعدني الذي غادرنا عن 81 عاماً في 2024، بل تحولت إلى ألقاب التصقت بالسعدني وفي أحيان كثيرة سبقت اسمه الحقيقي في التعريف أو التحدث عنه، هذا الكبير بموهبته وبأخلاقه وسعة وعيه وثقافته، قرر الانسحاب منذ سنوات والاكتفاء بالعيش بهدوء في بيته ومع أسرته بعيداً عن الأضواء، ورغم ذلك البعد بقي مكانه محفوظاً في قلوب الناس وتوارثنا حبه جيلاً بعد جيل، وكأن الجمهور يختار أن يبقى وفياً للنجوم الحقيقيين فلا يشغل باله بقرار اتخذه النجم بالاعتزال أو التوقف عن العمل والتمثيل، فتجده يحتفظ للفنان بمكانته وصورته واحترامه وتقديره وكأنه لم يغادر الشاشة ولم يبتعد.
هكذا بقيت سيرة صلاح السعدني الطيبة خالدة وهو حي، وستبقى بلا شك بعد رحيله، كما يبقى أثره الطيب في ابنه الفنان أحمد السعدني الذي يعكس لنا الوجه الآخر لأبيه من خلال ما نراه في أحمد من سلوكيات وأدب وأخلاق وسمعة واحترام للفن وللموهبة وللجمهور.
لم يغادرنا عام 2024 قبل أن يختتم أيامه بوداع كبير آخر، النجم نبيل الحلفاوي أو القبطان كما يناديه عشاق كرة القدم والمعجبون به خصوصاً في تعليقاتهم على صفحته الخاصة على «إكس» والتي كان يعبر فيها عن شغفه بكرة القدم وينفعل ويتفاعل بكل حماس وحب واحترام مع كل موقف وحدث كروي.. هو أيضاً اختار له الجمهور شخصيات مميزة ومحببة لمناداته بها أولها القبطان (الطريق إلى إيلات)، ياقوت (ونّوس) وعم حسن (القاهرة كابول).. إذا عدت إلى مسيرة الحلفاوي الفنية، تكتشف مدى عمق هذا الفنان الذي مشى مع المهنة صعوداً فتواءمت خبرته مع نضجه الفني، وصار نبيل الحلفاوي مايسترو يجيد تحريك كل الأدوات في سبيل خدمة الشخصية التي يؤديها، يعزف على أوتار مشاعرنا، في ملامح وجهه ونبرة صوته وكل ما فيه يتحول إلى كتلة إنسانية تمشي على قدمين، هو أيضاً نرى امتداده من خلال ابنيه المخرجين الموهوبين خالد ووليد الحلفاوي، بصمات الكبار تبقى خالدة وخسارتنا لصلاح السعدني ونبيل الحلفاوي تعوّضها أعمالهما الفنية الرائعة التي لا نمل من إعادة مشاهدتها.
[email protected]
0 تعليق