تداعيات التلحين والتأليف الموسيقي - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

هل كان موضوع «من التلحين إلى التأليف الموسيقي» حديثاً ذا شجون؟
في الحقيقة، هذا الطرح يستحق أن يكون عنوان جدول أعمال لمؤتمر يضم أعلام الموسيقيين العرب من كلّ «بلاد العُرْب أوطاني»، لكن لقحط المشاريع الموسيقيّة الجادّة، تقنع قضية في هذا المستوى بكلمات معدودات في عمود أو عمودين.
كتب القلم مراراً عن إشكالية النظرة التجزيئية في العقل العربي. من باب الدعابة، أو لعدم التعمّق في البحث المنهجي، أَلبَسَ التهمة للغزل العربي، الذي ظل منذ الجاهلية، ينظر إلى المرأة نظرة قصابية: الجيد على حدة، الساق منفصلة، الذراع، الخصر، العين، الوجنة، الشفتان، الأسنان مهمّة لدى الشاعر، بينما هي لا تساوي شيئاً عند القصاب.
هذه التجزيئية هي التي تحولت إلى منهجيّة عامّة في رؤية الأشياء، ومن بينها التنمية التي لم تتكامل مجالاتها لتصير تنمية عربية شاملة. أضحى كل ميدان قائماً بذاته. يرى الشاعر حبيبته في الظبية: «سوى أن عظم الساق منكِ رقيقُ». التعليم غير مرتبط بالبحث العلمي، بالصناعة، بالزراعة، بالتنمية. الثقافة أيضاً لا علاقة لها بالسيادة، بالسياسة، بهوية الذوق العام، فيتمادى إنتاج الفن الهابط، وليذهب علم الجمال وفلسفة الفن إلى أم قشعم.
لماذا يستحق الموضوع أن يكون له فهرس دراسات في مؤتمر للموسيقى العربية؟ خذ مثلاً: كيف استطاع الملحنون العرب عبور القرن العشرين كله، الذي برز فيه كل أساطين موسيقانا، من دون أن يبحثوا بجدّ قضية قضايا الموسيقى العربية النظرية، ألا وهي أنها ليس لها سلّم موسيقي تنضوي تحت مظلته المقامات العربية؟ الموسيقى الغربية يجمع مقاماتها سلّمان: الكبير والصغير، الماجور والمينور. ما علاقة الصبا بالراست مثلاً؟ حاول العثور على كتاب في المكتبة العربية يدرس هذه الإشكالية ومنشأها وأسبابها تاريخياً.
بالمناسبة، من الضروري اطلاع الموسيقيين العرب على جهود الإيرانيين والأتراك في دراسة المشكلات المشابهة. من ذلك أن المؤلف الموسيقي الإيراني مرتضى حنّانه (توفي 1989)، المتخصص في الموسيقى الإيطالية في القرون الوسطى، نشر سنة 1988 كتاباً تحت عنوان «المقامات المفقودة»، يبحث عدم وجود سلّم يجمع المقامات الإيرانية، خلص فيه، بعد إعادة ترتيب المقامات، إلى أن مقام الراست، الذي صار عندهم في القرون الأخيرة مجرّد نغمة في مقام الدوكاه، هو الذي يجمع كل مقاماتهم، وأشار إلى أن الراست هو سيّد المقامات في العالم العربي وتركيا.
لزوم ما يلزم: النتيجة الجذرية: ألم يكن المشرفون على «مؤتمر الموسيقى العربية 1932»، يدركون تلك العلاقات، عندما دعوا الأتراك والإيرانيين إلى ذلك الملتقى التاريخي، المأسوف عليه؟
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق