تمثلت الأهداف الإسرائيلية المعلنة للحرب على غزة في القضاء على حركة «حماس»، واستعادة الرهائن، وضمان أن القطاع لن يشكل تهديداً لإسرائيل مجدداً.
وتخفّى العنف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين في غزة في سعيه لتحقيق هذه الأهداف، وكلما عزّ عليه تحقيقها أمعن في التنكيل بهم إلى حد الإبادة بشهادة أكثر من جهة دولية، وهو أمر يتطابق مع أعداد الضحايا، وحجم الدمار الذي تكشّف أكثر مع الساعات الأولى لسريان اتفاق الهدنة أو التهدئة.
كان الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين والأجانب لدى «حماس» الهدف الأكثر حضوراً وإلحاحاً في معظم الشهور الأولى للحرب، خاصة مع ضغوط أسرهم. هذا الحضور بدأ يتراجع أمام التحولات الاستراتيجية التي حدثت باتساع الصراع وامتداده إلى خارج فلسطين على النحو الذي يعرفه الجميع، خاصة في لبنان، الساحة الثانية للحرب التي خلقت هدفاً إسرائيلياً رابعاً هو عودة سكان الشمال الإسرائيلي إلى منازلهم بعد أن هجروها بفعل ردود «حزب الله».
وبعد اتفاق التهدئة الذي أوقف عنف 15 شهراً في ساحة غزة، يستمر الجدل حول معنى الانتصار في الحرب في القطاع، أو عليه، وأي الطرفين حقق أهدافه، وسعي كل منهما لتسويق الهدنة على أنها استجابة لصموده في المواجهة.
وهذا الجدل مناسبة للتجاوز، فرَضاً، عن الوقوف عند الثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون في غزة من حاضرهم ومستقبلهم، والتخلي، مؤقتاً، عن الأرقام التي توثق هذه المأساة، ومصدرها منظمات دولية وجهات فلسطينية حاولت إحصاء آثار المأساة مع إقرار كل الأطراف بأن الأعداد أكثر من المعلن بكثير وأن انقشاع غبار المعارك سيثبت ذلك.
ما يعنينا الآن هو الأهداف الإسرائيلية، لا لأنها أهم من الثمن الفلسطيني المدفوع في الحرب، ولكن لأن المؤكد أنها، أي هذه الأهداف، ستبقى محور السياسات الإسرائيلية والأمريكية رغم الاتفاق، وهو أمر تعكسه التصريحات الواضحة الآتية من تل أبيب وواشنطن، حتى بعد توقيع الاتفاق.
يقول معارضو نتنياهو من الوزراء الباقين معه في الحكومة إنهم مستمرون فيها على وعد منه باستئناف الحرب، ويقطع أحد مستشاري الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بأن «حماس» لن تحكم القطاع أبداً، وهو أمر يهزأ منه مناصروها مستدلين بما ظهر عليه عناصرها بعد توقف إطلاق النار وسيطرتها البادية على مشهد تسليم ثلاث من الرهائن إلى الصليب الأحمر.
هذا المشهد «الاستعراضي»، بحسب وصف البعض، قرئ على أنه رسالة من الحركة بأنها باقية، بينما رآه الآخرون بلا جدوى، لأنها تساق إلى مصير يحقق الأهداف الإسرائيلية التي لم تنفع معها الحرب، لكن الهدنة ستفضي إليها لا محالة وسط ما يشبه الاتفاق الدولي على ذلك.
البادي أن الهدنة بمراحلها ستحقق أول الأهداف الإسرائيلية، وهو استعادة الرهائن، وأن اكتمال ذلك سيقود عند أول فرصة إلى استئناف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، مساعيه لتغييب «حماس» وما تمثله من تهديد.
[email protected]
0 تعليق