لا شك أن التقدم في العمر مرحلة طبيعية في مسيرة الإنسان، وهي مسيرة لا يمكن إيقافها، ولا إبطاؤها. وتصاحب الرحلة نحو التقدم في العمر تغييرات جسدية لا تخفى على الكثير من الناس، مثل انخفاض الكتلة العضلية وكثافة العظام، حيث تبدأ العضلات والعظام في فقدان قوتها وكثافتها، ما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام والكسور، ما يبرز أهمية التمارين المنتظمة للحفاظ على اللياقة البدنية. وهناك تباطؤ عمليات الأيض وانخفاض كفاءة الجهاز الهضمي، حيث تقل كفاءة الجهاز الهضمي في امتصاص العناصر الغذائية، ولا ننسى تراجع الوظائف الإدراكية وضعف الذاكرة، وهو ما أشارت إليه دراسة نشرتها Alzheimer’s & Dementia Journal حيث قالت إن الشيخوخة الطبيعية قد تؤثر على الذاكرة القصيرة المدى وسرعة معالجة المعلومات، على الرغم من أن هذا لا يعني بالضرورة الإصابة بالخرف. فضلاً عن تغيرات في الحواس يصبح معها السمع والبصر أقل حدة مع التقدم في العمر، ما قد يؤدي إلى صعوبات في التواصل وزيادة العزلة الاجتماعية.
وهذا يقودنا نحو الأثر النفسي، وما يرافقها من تغييرات نفسية واجتماعية، حيث يعاني كبار السن الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية، لأنه مع تقاعده الوظيفي، وفقدانه بعض العلاقات الاجتماعية بسبب وفاة الأصدقاء أو ابتعاد الأبناء وانشغالهم، هنا يشعر بالعزلة. وهو ما ينتج عنه بعض الأمراض النفسية، والجسدية، مثل خطر الاكتئاب وأمراض القلب. أيضاً التغيرات الحياتية، مثل فقدان الأحباب أو تدهور الصحة، قد تؤدي إلى القلق والاكتئاب، أيضاً قد يشعر بعض كبار السن بأنهم أصبحوا عبئاً على الآخرين، خاصة عند فقدانهم القدرة على القيام ببعض الأنشطة اليومية، ما يؤثر على نفسيتهم.
من هنا تظهر الحاجة إلى الوعي وفهم الطرق المثلى للتعامل مع كبار السن، وفهم تبعات التقدم في العمر، والحاجة للمعرفة، في التعامل مع ظروفها ومتطلباتها، فالتحلي بالصبر والتفهم، والتواصل الفعّال، وتشجيع النشاط البدني والعقلي، وأيضاً تعزيز الروابط الاجتماعية، وإشراكهم في اتخاذ القرارات، جوانب مهمة يجب فهمها ومعرفتها.
ويبقى التقدم في العمر مرحلة حساسة تتطلب وعياً وفهماً من المحيطين بكبار السن، ليس فقط لضمان راحتهم، بل للحفاظ على صحتهم النفسية والجسدية. فكلما زاد وعي الأفراد بالتغيرات التي يمر بها كبار السن استطعنا توفير بيئة داعمة تضمن لهم حياة كريمة ومستقلة.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com