«دافوس 2025».. مشاهد جديدة - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

د. ناصر زيدان

مشاهد جديدة حملتها فعاليات منتدى دافوس الذي انعقد بين 20 و24 كانون الثاني/ يناير من هذا العام. فبالإضافة إلى الحضور الواسع الذي فائق عدده الـ3000 شخصية من 130 دولة، بينهم 60 رئيس دولة و350 مسؤولاً حكومياً؛ برزت مشاركات ذات دلالات خاصة، منها حضور رئيس الأرجنتين خافيير ميلي الذي يتمتع بنكهة سياسية واستعراضية واضحة، كما في مشاركة وزير خارجية الحكومة الانتقالية السورية أسعد الشيباني – وهي المرة الأولى التي تشارك فيها سوريا منذ إنشاء المنتدى – ولا يمكن تجاهل وجود الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، وهو أحضر معه ملفات حربية كان يتجنبها المنتدى الاقتصادي على الدوام.
وخصائص مؤتمر هذا العام؛ تبيَّنت أيضاً في التعارض الواضح بين السياسات الاقتصادية لأغلبية الدولة الأوروبية وبين النهج الأمريكي الجديد. وكان لخطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي ألقاه عبر الفيديو وقعاً متميِّزاً في أروقة المنتدى، وتحوَّل إلى الشغل الشاغل لمعظم الوفود، فهو تحدث عن مقاربات جديدة ستعتمدها إدارته، وأهمها رفع الرسوم الجمركية على المنتجات الأجنبية، وهو كابوس مالي واقتصادي يؤرِق المستثمرين الأوروبيين والصينيين وغيرهم. وترامب دعا هؤلاء لإنتاج سلعِهم في الولايات المتحدة، للهروب من هذه المعوقات القاسية، مؤكداً أنه سيخفِّض الضرائب على الشركات إلى ما دون 15 في المئة.
التوجهات الأمريكية أحدثت دوياً سياسياً واقتصادياً كبيراً داخل قاعات المنتدى، ولأول مرة في تاريخ مناقشات دافوس، تتقاطع جوانب مهمة من الخطاب الأوروبي مع خطاب الصين، لناحية التأكيد على أهمية التمسُّك بحرية التجارة الدولية، ورفع المعوقات غير الطبيعية من أمام الصادرات، في غمزٍ واضح من قناة الرئيس ترامب، أو اعتراضاً عليه، لأن السياسة الجمركية الأمريكية الجديدة، ستُحدِث اختلالاً واسعاً في النمو بأكثر من دولة، وستُهدِّد انسياب السلع الأوروبية إلى الأسواق الأمريكية.
والبارز أيضاً في مناقشات دافوس لهذا العام؛ التركيز على عناوين جديدة، لم تحظ باهتمام واسع من قبل، ومنها موضوع الذكاء الاصطناعي وتداعياته على الحراك الإنتاجي. كذلك ملف الأمن السيبراني، حيث الاختراقات الرقمية قد تُهدِّد حركة انتقال رؤوس الأموال، كما تشكِّل خطراً مُحدقاً على سلامة المنشآت الصناعية وعلى وسائل النقل التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة، وبعض الخروقات طالت التشويش على هذه الأنظمة على خلفيات تخريبية.
وما يُثير بعض الريبة هذا العام؛ اعتبار 64 في المئة من المشاركين في المنتدى أن النظام الدولي الحالي مستمرٌ بالتفكُّك، وهو ما يُهدِّد قواعد التبادلات التجارية، وقد يطال الاستقرار، ويُبشِّر بفوضى، لأن الاتفاق على ركائز دولية جديدة صعب المنال في هذه الظروف العالمية المُعقَّدة، ولا توجد مؤشرات دامغة على استعداد القوى الكبرى بالولوج في مسار توافقي يفضي إلى إنتاج نظام جديد أكثر ملاءمة، لأن التحديات المتقابلة؛ السياسية منها والاقتصادية تتغلَّب على مساحات التعاون، وهناك حروب عسكرية وتجارية متعددة قائمة، تساعد على توتير الأوضاع، أكثر مما تسهم في تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين.
رئيس منتدى دافوس بورغ بريندي قال: «إن الصراعات المسلحة تشكل أكبر خطر على النمو الاقتصادي في العالم، وثاني أكبر خطر يأتي من التقلبات المناخية الحادة التي تشهدها مناطق متعددة من الكرة الأرضية». وقد ركزت أجنحة دول متعددة في المنتدى على معالجة هذه المشكلات، وعلى ضرورة إنهاء الحروب والتوترات في أوكرانيا وفي غزة وفي سوريا والسودان، بينما رعت دول أخرى نشاطات تتعلَّق بالحد من الانبعاثات الكربونية التي تسهم في إحداث تغييرات مناخية مؤلمة، وجناح دولة الإمارات العربية المتحدة تولَّى القيام بأنشطة متعددة تتعلَّق بتشجيع إنتاج الطاقة النظيفة.
نائب رئيس مجلس الدولة الصيني دينغ شوشيانغ؛ اعتبر أن بعض الشروط والعوائق أمام انسياب السلع في الأسواق الدولية، تؤدي إلى حروب تجـــارية واسعة، وفي هذه الحروب التجاريــــة؛ الجميـــع ســيتكبدون خسائر، وحركة النمو ستتراجع. وقد وافقته في هذا الاتجاه رئيســـة المفوضيــــة الأوروبيـــة أورسولا فون دير لاين، برغم الاختلاف بين الطرفين حول عدد من العناصر العامة في العلاقة بينهما، وهذه العلاقة لا تحظى بمعاملة متساوية، أو بالمثل من قبل الصين، كما قالت دير لاين.
وقد حازت الحروب والنزاعات العسكرية على مساحة واسعة من النقاشات، ذلك أن الأوروبيين يتضررون كثيراً من استمرار الحرب في أوكرانيا، ويُجمعون على مناهضة السياسة الروسية في هذا السياق، بينما الرئيس الأمريكي، دعا في خطابه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى لقاء هدفه الأساسي وقف للحرب. وأخذت نزاعات الشرق الأوسط - لاسيما العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين - حيزاً واسعاً في الخطابات، واتفق أغلبية المشاركين على أن إنهاء التوترات تفرض إيجاد حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني، ووقف العدوان، وانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق