مارلين سلوم
كلمات الشكر والتقدير التي يود الجمهور والنقاد قولها لكل فنان مبدع قدّم عملاً مميزاً، لم يكن هناك من وسائل مباشرة تعبّر عن هذا الإعجاب سوى شباك التذاكر في السينما والمسرح والحفلات الغنائية وأسواق بيع الكاسيت والأشرطة وأصداء تعليقات الجمهور وإقبالهم على المشاهدة والتفاعل مع الدراما التلفزيونية.. وكانت المهرجانات الفنية من أهم الوسائل التي يشعر فيها الفنان بالتكريم ويحلم طبعاً بالفوز بأي جائزة خصوصاً من المهرجانات العالمية الكبرى، مثل الأوسكار في السينما، وإيمي للمسلسلات، وجائزة توني للمسرح، وجائزة جرامي للموسيقى.. والجمهور «ما قبل السوشيال ميديا» كان ينتظر بلهفة أصداء تلك المهرجانات والجوائز، في زمن «ما قبل الابتذال»، حيث كان الحدث الفني أهم من ملابس وأجسام و«عري» الفنانات والفنانين. جوائز جرامي التي تقدمها الأكاديمية الوطنية لتسجيل الفنون والعلوم، في شهر فبراير من كل عام، لم تعد حدثاً فنياً بقدر ما تحولت إلى منصة لعرض أغرب الأزياء، وصار المشاركون يتنافسون في ارتداء أسوأ الملابس وهدفهم سرقة الأضواء ليصبحوا حديث الناس والصحافة حول العالم، غير عابئين بالانتقادات وبالسخرية من أشكالهم التي تبدو ساذجة وغريبة.. لكن «جرامي» هذا العام فاق كل خيال وصار العري هو الحدث وانشغل الناس بما «لم يلبسه» هؤلاء النجوم أكثر من ترقبهم لأسماء الفائزات والفائزين، وأسماء الأغاني والألحان الأكثر تميزاً للعام 2024!. أبرز من سرقت الأضواء ليست فنانة بل زوجة المغني الأمريكي كانييه ويست، والتي وقفت برفقة ومباركة زوجها أمام عدسات المصورين وكاميرات التلفزيون متباهية بعريها التام، هي الأكثر وقاحة وفجاجة في الحفل لكنها لم تكن المتعرية الوحيدة، حيث سادت «موضة» الفساتين الشفافة جداً والكاشفة عن كل المستور، وكأنه اتفاق مسبق على أن يكون «جرامي» هذا العام حفلاً للعري والعراة!. لهم عالمهم ولنا عالمنا، لهم معتقداتهم ولنا تقاليدنا ومعتقداتنا، هذا ما يمكن أن نردده ونحن نغمض أعيننا عن تلك البدع التي تأتينا من الرياح الأمريكية المجنونة، إنما المؤسف أن بعض فنانينا يلتفت إلى الغرب وتحديداً أمريكا وكأنها شعلة تنير الطريق وعليهم الاقتداء بها، فنجد في المهرجانات الفنية فئة تتعمد إثارة الجدل بما ترتديه، تلفت الأنظار إلى الجسم فتصبح هي الحدث.. الفستان لا يعري الجسم فقط بل يعري تلك العقول الخاوية والمواهب الضعيفة، فمن ترتضي أن يصبح جسمها «ترند» وحديث كل الناس، لا تخفي خلفه موهبة حقيقية لا تقدّر بثمن، ولا ثقافة ووعياً وتقديراً للفن وجماله وأهميته.. فالفن بالنسبة لعاريات الجسم والعقل والموهبة هو سلم الصعود إلى الشهرة والأضواء.
[email protected]
0 تعليق