علي قباجة
تمر القضية الفلسطينية راهناً بأحلك مراحلها، مع انتقال الحرب الإسرائيلية إلى الضفة الغربية، والبدء بقتل وتهجير ساكنيها، بعدما نفذت إبادة جماعية في غزة، ولا تزال تتوعد وتهدد رغم الاتفاق على هدنة توقف التغول الإسرائيلي في تلك البقعة التي أحالها نتنياهو وعصبته أثراً بعد عين، لكن يبدو أن الهدنة هشة، وقد تنفجر الأوضاع مجدداً، لاسيما بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنسجمة مع اليمين الإسرائيلي الداعي إلى تهجير سكان غزة إلى غير رجعة، بعدما كان سابقاً يدعو لتهجير مؤقت، في محاولة لتسوية الصراع بالتطهير العرقي، على حساب مصالح الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نير احتلال ذاق منه الويلات.
ما يحدث الآن يتم بتنسيق أمريكي-إسرائيلي، يهدف إلى تركيع الفلسطينيين، عبر استخدام أساليب الترهيب والترويع، سواء ضد الشعب الصامد في أرضه، أو ضد الدول العربية الرافضة لكل مشاريع التسوية الظالمة، التي تأتي على حساب مصالحها القومية أولاً من خلال استقبال مئات آلاف الفلسطينيين، ما يغيّر التركيبة الديموغرافية وينقل الصراع إليها، وثانياً لأن إسرائيل لن تتوقف عن التوسع في ظل أطماعها بزيادة رقعتها، معتمدة على دعم ترامب الذي وصف مساحة إسرائيل بأنها «كرأس القلم»، في محيط شرق أوسطي كبير، داعياً إلى منحها أراضي جديدة، ما يؤشر إلى أنه يفتح الباب على مصراعيه لتل أبيب لتضم الضفة وتبتلع غزة والنظر إلى غيرهما، في مخالفة واضحة وصريحة لكل القوانين والأعراف والضوابط الدبلوماسية.
إسرائيل بدورها تراهن على الدور الأمريكي لتمكينها من تنفيذ حلمها التاريخي، فهي تسعى إلى تغيير وجه الشرق الأوسط، كما قال نتنياهو أكثر من مرة، بهدف الهيمنة وفرض مصالحها، إذ ترى أنها فوق الجميع، ولابد لها من تحقيق طموحاتها السياسية والدينية والأمنية، ولو على حساب غيرها، فهذا في أبجدياتها لا يهم، فالأولوية بالنسبة لها تقوم على أن إسرائيل لا بد أن تبقى متسيدة ومتفوقة في المجالات كافة، على اعتبار أن ذلك يحفظ لها أمنها، ويساعدها على تحدي من يطالبها بأن تحترم القوانين الدولية والشرائع الأخلاقية، وأن تكون تحتها لا فوقها.
ما كان يتم التخطيط له له تحت الطاولة أصبح اليوم جلياً للعيان، فالتهجير بات علناً مدعوماً بقوة عظمى لطالما تؤكد أنها راعية للمُثل وحقوق الإنسان في العالم، لتكشف الأيام أنها مجرد ادعاءات هدفها اختراق المجتمعات المناهضة لها لا غير. لذا فالواجب على العالم كله، خصوصاً الدول العربية والإسلامية، مواجهة هذا المخطط، عبر منع التهجير والخطط الداعمة لإسرائيل مهما كلف ذلك من أثمان، لأن حل الصراع بهذه الطريقة سيكون ظلماً تاريخياً للشعب الفلسطيني الذي ناضل بكل السبل ليتجنب تلك الساعة التي يُقتلع فيها من أرض آبائه وأجداده.
[email protected]
0 تعليق