القائد الذي لا يحتاج إلى مكتب - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

الإدارة ليست مجرد وظيفة، بل رؤية تُترجم من خلال قائد قادر على إلهام فريقه وتحفيزهم ليكونوا جزءاً من التطور المستمر، فالقائد الحقيقي لا يُحيط نفسه بجدران مكتبه، بل يكون حاضراً حيث تُصنع القرارات، متفاعلاً مع فريقه، وشفافاً في نهجه، بحيث يشعر كل فرد بأنه جزء من الرؤية وليس مجرد منفذ للأوامر، عندما تكون القيادة قريبة من الناس، يصبح النجاح مسؤولية جماعية، ويشعر الموظفون بأن دورهم في المؤسسة له قيمة وتأثير، ما يعزز الشعور بالانتماء ويجعل العمل أكثر شغفاً وإبداعاً.
في كثير من المؤسسات، تظل الفجوة بين القائد وموظفيه حاجزاً يُعوق النمو والتطور، تُتخذ القرارات في الأعلى، بينما الموظفون الذين ينفذونها لا يدركون مبرراتها أو توجهاتها البعيدة، هذا الغموض يُضعف الانتماء، ويجعل العمل مجرد روتين يخلو من الحافز، فيتحول الموظفون إلى أدوات تنفيذية بلا مشاركة فعلية، لكن القائد الذي يحرص على الشفافية، يجعل من بيئة العمل مساحةً للنقاش والتطوير، ويحّول فريقه من منفذين إلى صانعي قرار، مما يعزز الابتكار والمسؤولية المشتركة، ويدفع الجميع إلى العمل بروح الفريق.
خلال عملي مع أحد القادة في فترة من الفترات، وجدت نموذجاً استثنائياً للإدارة الحقيقية، لم يكن مكتبه مغلقاً أو بحاجة إلى مواعيد مسبقة، لأنه ببساطة كان دائم الحضور حيث تُصنع القرارات، يجتمع مع مديري الإدارات، يناقش، يسمع، يوجّه، ليس فقط كمسؤول، بل كشخص يرى أن المعرفة يجب أن تكون متاحة للجميع، كان حريصاً على أن يعرف كل فرد في المؤسسة ما يجري، ليشعر بأنه شريك في النجاح وليس مجرد موظف يؤدي مهامه بلا هدف، كان يؤمن بأن القائد الحقيقي لا يفرض سيطرته، بل يقود بالمثال والقدوة، حيث تكون أفعاله مصدر إلهام لفريقه.
هذا الأسلوب جعل العمل أكثر وضوحاً، ورفع مستوى الوعي لدى الجميع، حتى أصبح كل فرد يشعر أنه مسؤول عن نجاح المؤسسة بقدر ما هو مستفيد منها. كان يولي أهمية كبيرة للشفافية والتواصل، ويؤمن أن القيادة ليست في إصدار الأوامر أو الجلوس خلف المكاتب، بل في التواصل المباشر، الاستماع، والمتابعة الحقيقية لما يجري على أرض الواقع، ما يعزز الثقة بين القائد وفريقه، ويخلق بيئة محفزة للإبداع.
القائد الذي يكون حاضراً بين فريقه، يخلق بيئة من الثقة والانتماء، حيث يشعر الموظفون أن نجاح المؤسسة هو نجاحهم الشخصي أيضاً، وعندما يدرك كل فرد أهميته في المنظومة، يتحقق التغيير الحقيقي، هذا النوع من القادة لا يُصنع بسهولة، لأن القيادة ليست منصباً، بل قدرة على التأثير، ورؤية تجعل كل فرد في المؤسسة شريكاً حقيقياً في تحقيق النجاح.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق