كيف تنظر إلى شركات الإنتاج الفني، خصوصاً في الشدائد؟ شزراً؟ ذهولاً؟ قل ما بدا لك، فإن تلك الكائنات الخلاّقة، من دون فوضى، لا يستطيع الارتقاء إلى ذرى إبداعها، الآدمي العادي، الذي منه أربعمئة مليون نسخة. تلك العبقريات تتحلى بأريحية إنسانية ذات أبعاد فلسفية صوفية ديمقراطية على عدالة بلا طبقيّة نخبويّة. إذا غامرتَ وقامرتَ بالسؤال: ما لأكثريّة هؤلاء المنتجين لا تربطهم صلة بقضايا المجتمعات والشعوب والأمّة؟ منطقهم لا غبار عليه، سوى بعض الفيروسات. منهم من يريد تغيير ما تبقّى من منظومة القيم الموروثة، بذريعة أنها لم تعد تلائم العصر، فيستعاض عنها بأحدث الصيحات المستوردة. سؤالك جوابه حاضر: الديمقراطية الحق هي تلك التي تعطي حتى المواضيع المتردية والنطيحة، حقها في العرض والظهور، والقرار الأخير للجمهور.
منطق له فُلَيْسفة. الهبوط بالفنون إلى اللاّقرار، يعطينا مشهداً تكامليّاً تناغميّاً: القوى المتجبّرة تمرّ على البلدان تجعلها حصيداً، والإنتاج الرديء ينزل بالذوق العام، حتى يكون في مستوى الانهيارات. هنا، لا يبقى مجال لطرح قضايا من قبيل: ما هو دور الفنون والثقافة عموماً في شحن إرادة الأمّة وطموحها، وتمهيد سبل نهضتها واستئناف حضارتها؟ يجب أن تكون قد بقيت في الخاطر ثمالة ذوق وفكر، حتى يجرؤ على حديث الحضارة بين أنقاض سوريا وغزة ولبنان، وهدم الدولة في العراق وليبيا أدهى.
على القارئ ألّا يخرج عن الموضوع، كأن يجرفه الاستطراد إلى أن شركات الإنتاج تبنّت منذ عقود نظرية الفن للفن، فهي تنتج أعمالها، أو تقترف أفعالها، كما لو كانت في فضاءات ما بين النجوم.
حذار، فللصبر على النقد حدود، فالنابغون لهم براهينهم القاطعة، حين ينتجون لشعوب أحجار «الدومينو»، أجواءً من قبيل الحياة الليلية في لاس فيجاس أو مونت كارلو. تنظيرهم جاهز: الغاية في صميم علم النفس، نسيان المُشاهد واقعه الأليم وظروفه العصيبة. تلك هي وصفة الحسن الصباح. المهمّ هو أن يجهلوا خلفيّات الأكمة.
بقي على الشهر الفضيل مدى أربعة أشهر تقريباً، وسنرى، ولا حاجة إلى جزم أو استدلال، فلن يتغير شيء في نهجهم حتى يتغيروا هم. هذا الكلام ليس تعميمياً، ففي العالم العربي طاقات حبّذا لو كان في الإمكان أن تصبح مايسترو الإنتاج الفني، وهذا استبداد فني له مساوئه. هل من ضرورة إلى التحديد؟ محمد صبحي مثلاً.
لزوم ما يلزم: النتيجة الحُلميّة: هل يمكن أن يفاجئنا رمضان المقبل بمسلسل عنوانه: «تركة السيد الوالد»، يتناول تقسيم الشرق الأوسط. تراجيكوميديا عربية؟
[email protected]
0 تعليق