كان اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع، الذي عقد في مدينة فيوغي وأناني في إيطاليا، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، مثقلاً بالقضايا التي تمت مناقشتها، وسط تحديات ومخاطر عالمية غير مسبوقة، ربما هي الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية، إذ تتسع الصراعات العسكرية والاقتصادية، ويدخل النظام العالمي برمته في سياق تنافس، تسيطر عليه التحديات والتهديدات، باللجوء إلى السلاح النووي لحسم الصراع الجيوسياسي القائم، لكن يبدو أن هذه الأزمات أخذت منحى تجاوز قدرات هذه الدول التي لم تقدم حلولاً يمكن الاعتداد بها، للتخفيف من حدة الصراعات، أو حل بعضها، وذلك لسبب بسيط، أن معظمها منخرط بشكل أو بآخر في هذه الصراعات، بل إن بعضها يعمل على تأجيجها.
كثيرة هي القضايا التي نوقشت، بدءاً من الأوضاع في الشرق الأوسط، وخصوصاً الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، مروراً بالحرب الأوكرانية والوضع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والأزمات المستمرة في هايتي والسودان.
وبالتوازي مع اجتماعات فيوغي وأناني، التقى وزراء خارجية دول منطقة البحر المتوسط في روما للمشاركة في النسخة العاشرة من «الحوارات المتوسطية»، بمشاركة دول غرب البلقان، وحضور وزراء خارجية دولة الإمارات ومصر والأردن ولبنان وكرواتيا والهند وليبيا واليمن وفلسطين وألبانيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود. كما تضمن جدول الأعمال جلسة حوارية موسعة، ضمت دولاً خليجية، فضلاً عن أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وإذا كانت الحرب الأوكرانية قد احتلت مكانة متقدمة في المناقشات، وسبل مواصلة دعم كييف، إلا أن خلافات برزت بين الدول السبع، حول إمكانية الدفع بمفاوضات تؤدي إلى تسوية سياسية، كما أن الوضع في الشرق الأوسط، على ضوء الحرب الإسرائيلية الحالية والمأساة الإنسانية المتفاقمة في غزة، اصطدم بموقف أمريكي رافض لوقف إطلاق النار، حيث كانت الولايات المتحدة التي شارك وزير خارجيتها أنتوني بلينكن بالمناقشات، قد استخدمت «الفيتو» في مجلس الأمن قبل يومين من الاجتماع ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار، وافقت عليه بقية الدول الأعضاء. ومع ذلك دعت المجموعة إلى «وقف فوري لإطلاق النار» و«حل دبلوماسي في لبنان»، كما أكدت دول المجموعة أنها ستفي «بالتزاماتها الخاصة» في ما يتعلق بمذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت. في حين أن الرئيس الأمريكي وصف مذكرة الاعتقال هذه بـ«المشينة». وقال بيان المجموعة: «في ممارسة حقها في الدفاع عن نفسها، يجب على إسرائيل أن تمتثل بشكل كامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي في كل الظروف، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني»، من دون الإشارة إلى حرب الإبادة التي تمارسها ضد المدنيين، أو حرب التجويع ضدهم، ووضع حد للمأساة الإنسانية التي تتفاقم في قطاع غزة.
في المحصلة، كان اجتماع وزراء خارجية الدول السبع، مع وزراء الخارجية الآخرين، بمكانة جولة أفق تناولت أزمات العالم، من دون اتخاذ مواقف وقرارات حاسمة تجاه قضايا ملحة تحتاج إلى حل. وإذا كانت الأزمات الدولية الساخنة خارج قدرة المجتمعين، فإن قضايا مثل الفقر والجوع والبيئة والهجرة، وتزايد الديون على الدول الفقيرة كانت غائبة، ولم تكن هي الأخرى في متناول أياديهم.
0 تعليق