حماقات منحدرات الحضارات - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قلت للقلم: هل تدري كم انتظرت حتى تفرغ من تصفح العدد الأخير من مجلة «تاريخ وحضارات» الفرنسية؟ سؤالي: هل لديك رأي خاص في الحضارات، شريطة ألاّ يكون دعابةً؟ قال: يقيناً، عندما يتسارع انحدار الحضارات تصاب بالحماقة، ما يؤدي إلى انتقال الهيمنة إلى غيرها. لا استثناء في ذلك، لكن طرائق الانتقال تتفاوت. منها ما يتقلص تمدّده الجغرافي حتى يعود كالعرجون القديم، مثلما حدث لروما التي كانت كل الطرق تؤدي إليها، فإذا إيطاليا اليوم خنصر هزيل في البحر الأبيض المتوسط.
أين الإمبراطورية الفرنسية التي كان الجنرال كارتييه يجول ويصول في إقليم كيبيك، الذي لم تنقذه صيحة الجنرال ديغول «الكيبيك حرّ»؟ فرنسا كانت تملك مانهاتن، لكن بونابارت باعها بحفنة دولارات. أين فرنسا التي كانت تدكّ الهند الصينية وتعيث فساداً في المدينة المحرّمة وتضرم النيران في روائع القصر الصّيفي في العاصمة الصينية، حتى صرخ فيكتور هوغو لهول فظائع جحافل فرنسا وبريطانيا ضد مفاخر الحضارة العريقة؟ صورة فرنسا في تلك الديار، وفي المغرب العربي وسائر مستعمرات إفريقيا لا تجدي في تجميلها المستحضرات الشعرية بالفرنسية للشاعرين الكمبودي الأمير سيهانوك والسنغالي ليوبولد سنغور. بريطانيا التي كانت العظمى لا تغيب عنها الشمس هي أيضاً رجع توسّعها خاسئاً وهو حسير. حتى الهندي الذي كان يحمل المستعمر البريطاني في سلّة على عاتقه، دارت الأيام وصار هو الذي يحكم بريطانيا كلها، ولو لمدّة وجيزة.
ثمّة نمط آخر من البداية والنهاية في الحضارات، تسونامي المغول اجتاح الحضارة الإسلامية بصدمة وترويع جعلا الإمبراطورية تتشظى إلى يومنا هذا، حتى إن الدول السبع والخمسين وريثة التركة الجغرافية، عجزت عن إدخال شاحنة طحين إلى غزة. زعم الماكرون أن تريليونات عملات الملياري مسلم، هدّها التضخم فباتت لا تساوي كيس دقيق. أسوأ من عملة زيمبابوي.
الاستطراد جارف. نرجع إلى حماقات المنحدرات. على العرب أن يدركوا أن الترجّل الحتمي للإمبراطوريات بالغ الخطورة. كمثل قرية في سفح جبل، وإذ بجلاميد صخر يحطّها الزلزال من علٍ. المشكلة نظام عالمي جديد وُلد، وصدرت شهادة ميلاده. صيحته الأولى طالع نحس للدولار. مديونية الإمبراطوريّة جاوزت 35 تريليوناً. لم يبق غير أدوات محاولة تأجيل الخطوب باللجوء إلى: الصدمة والترويع، الثيران الهائجة، التجزئة والتقسيم والسطو على أملاك الغير والأرض المحروقة.
لزوم ما يلزم: النتيجة اللاّمعقولة: هل ينبغي لأربعمئة مليون عربي أن يكونوا دكان خزف، فقط؟

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق