النحو لا يضمن سلامة اللغة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل ظلّ شيء يقال في المعضلة العضال التي أعضل علاجها على مناهج العربية؟ معاذ الله أن يكون المقصود سوء قصد، كالغمز إيماءً إلى أن العين أحياناً ترى الحصاة ولا ترى الجبل. القضية التي حيّرت الأجيال، إن كان قد تعذّر عليها إدراك كنهها، أو التي أهملتها وأغفلتها وتجاهلتها، إن كانت قد أحاطت بها علماً، سوى أنها آثرت اقتفاء آثار القدامى: «إنّا وجدنا آباءنا»، هي: لماذا تتفاقم صعوبة تعلّم العرب لغتَهم، بالرغم من طول سِني التربية والتعليم؟ لماذا يتردّى مستوى الكتابة، من حيث سلامةُ اللغة والجمالياتُ الأسلوبيةُ، إلى حدّ تفشّي وهْم أن التميّز الأسلوبي تخلف وماضويّة، أمّا عن فصاحة الارتجال وسلامة البيان، فالله ستّار العيوب، وعلاّم الغيوب.
كيف يُعقل أن المناهج العربية على طول الخريطة وعرضها، لم تحدّد العلّة الأصليّة، ولم تبادر منذ أكثر من قرن إلى وضع الخطة العلمية الفعّالة؟ المفاتيح كلها تتلخص في مفارقة غريبة، أظهر من أن تخفى، وأخفى من أن تظهر. للأسف، وبدعابة قاتمة: إن التربويين العرب لم يتنبّهوا للفارق المهول، للمسافة الشاسعة، بين تدريس قواعد النحو وبين امتلاك سلامة العربية كتابةً وتكلماً، ثم بين كل ذلك المحور من جهة، وجمال الكتابة كفنّ من جهة أخرى.
لا أحد يتمنى أن تكون مناهج الشعوب العربية جمعاء قد وقعت في الأوهام الواهية، أن الشخص إذا درس قواعد العربية وحفظها، كما يحفظ القرص الصلب، يكون قد امتلك مقاليد التحكم في اللغة وفنونها التحريرية والشفهية. هل تذكر طرفة النحاة القدامى يسخرون من أنفسهم: «النحو صنعتنا واللحن عادتنا»؟ كان على أنظمة التعليم العربية أن تشترك في تأسيس مركز بحث تربوي لدراسة تلك النادرة التي جاوزت: «وشهد شاهد من أهلها» إلى: قد شهد النحاة على أنفسهم معترفين. المنطلق المنهجي العقلاني: أليس الأمر برهاناً قاطعاً على وجود خلل في تلقي قواعد العربية؟ وإلاّ فكيف كانوا يبلغون مرتبة النحاة، من دون أن تستقيم ألسنتهم؟
ما هو القرار الصائب الذي يترتب على ذلك؟ بكل بساطة: إعادة النظر جذريّاً وكليّاً في مقرر اللغة العربية، ثم تغيير أساليب تدريس البديل. المشكلة في أداء الدماغ الجمعي: الخوف من التجديد والتغيير. من حيث المنهجية، قال أينشتاين: «الجنون هو أن تكرر الشيء نفسه، وتنتظر نتيجة مختلفة».
لزوم ما يلزم: النتيجة الجوهرية: على التربويين وضع مناهج للمستقبل، لا تكون استنساخاً للقرن الرابع الهجري: «لا تعلّموا أولادكم ما عُلّمتم».
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق