كشف التقرير الأخير لمجلس الحسابات عن اختلالات عميقة في تدبير سيارات المصلحة داخل الجماعات الترابية، ودعا إلى إصلاحات هيكلية عاجلة لمعالجة الهدر المالي والاستغلال غير المشروع، وترسيخ مبادئ الاقتصاد والفعالية في تسيير الشأن المحلي.
وسلط المجلس الأعلى للحسابات الضوء على تفشي ظاهرة استغلال سيارات المصلحة بشكل غير قانوني داخل الجماعات الترابية، حيث أشار في تقريره السنوي برسم 2023-2024 إلى عودة “نظام سيارات المصلحة” بشكل لافت، مع تخصيص 33% من هذه السيارات للاستعمال الفردي عبر أوامر مأمورية دائمة.
هذا الوضع، الذي يستمر في غياب إطار قانوني وتنظيمي محدد منذ إصدار منشور الوزير الأول سنة 1998، يفتح المجال أمام استغلال هذه السيارات لأغراض شخصية، بعيداً عن المهام الإدارية أو المصلحة العامة.
وكشف التقرير أن الجماعات الترابية وهيئاتها تتوفر على أسطول كبير يضم 48,485 وحدة، بزيادة بلغت 46% خلال الفترة بين 2016 و2023. هذا النمو، الذي ترافق مع ارتفاع نفقات الوقود والزيوت إلى 3.2 مليارات درهم خلال الفترة نفسها، يمثل 52% من إجمالي نفقات التسيير المرتبطة بالأسطول. كما أشار التقرير إلى غياب مخططات سنوية أو متعددة السنوات للاقتناء، واعتماد الجماعات الترابية بشكل غير مقنن على التأجير طويل الأمد، مما يساهم في ضعف ترشيد النفقات.
وانتقد التقرير غياب التنسيق بين الأطراف ذات الصلة، مثل وزارة الداخلية والجماعات الترابية والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، ما أدى إلى انعدام رؤية موحدة لتدبير الحظيرة بشكل متكامل. كما لفت إلى غياب إطار قانوني ينظم الاستغلال، مع افتقار الجماعات إلى معايير تحدد بوضوح الأشخاص المخصص لهم استخدام السيارات بصفة فردية.
ورصد التقرير اختلالات كبيرة في عمليات الصيانة والإصلاح، حيث أن 88% من الجماعات الترابية لا تعتمد برامج سنوية للصيانة، بينما لا تمتلك 96% منها دليلاً خاصاً بمساطر الصيانة. أضف إلى ذلك أن 37% من الجماعات لا تملك مرائب للحفاظ على السيارات، في حين أن 63% المتبقية لديها مرائب غير مستوفية لمعايير السلامة.
وأوصى المجلس وزارة الداخلية بوضع إطار قانوني وتنظيمي شامل لتأطير تدبير سيارات الجماعات، مع تحديد معايير واضحة وملزمة لتخصيص السيارات، ووضع سياسة اقتناء تراعي الاقتصاد والفعالية، بناءً على الحاجيات الحقيقية وأولويات العمل الجماعي. كما دعا إلى تحسين تدبير الصيانة وتوفير مرائب مستوفية لشروط السلامة، بما يضمن الحفاظ على ممتلكات الجماعات واستمرارية تقديم الخدمات للمواطنين.
0 تعليق