الشرع.. والتزام الهدوء مع إسرائيل - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

توقفت طويلاً بالتأمل لما يعنيه قول أحمد الشرع «حاكم» سوريا الجديد، من أنه ليس مهتماً بالدخول في حرب، أو أي نزاعات جديدة، ولا ينوي أن يحارب على الرغم من هجمات إسرائيل التدميرية، والتي لا تتوقف على سوريا. إن أحداً لم يطالبه بالحرب، لكن وضعه الجديد مسؤولاً عن دولة وشعب، كان يقتضي إعادة ترتيب أوضاع المؤسسات العسكرية وتجهيزها، لتكون مستعدة للرد دفاعاً عن الدولة التي ألقيت عليه مسؤولية حكمها وإدارتها، وإلا فما معنى دور رئيس الدولة إذا لم يكن كذلك، في ظروف تتعرض فيها سوريا وبشكل يومي لهجمات إسرائيلية تدميرية، ولكافه قدراتها العسكرية؟ وكل هذا يُظهر عدم نية استعادة الأراضي المحتلة، ووصل حال الغرور الإسرائيلي إلى إصدار بيان، يدعو فيه سكان خمس بلدات سورية بملازمة منازلهم حتى إشعار آخر.
وفي سياق الحرب الإسرائيلية اليومية، ما أعلنته إسرائيل ذاتها، من أنها نفذت أكبر عمليه قصف جوي على سوريا في تاريخ إسرائيل، وأنها بدأت ب 500 غاره جوية في كل أنحاء سوريا، وتدمير أعداد كبيرة من الطائرات والقواعد العسكرية وأنظمة الدفاع الجوى، كما ركزت على تدمير الأسطول البحري، ومخازن الصواريخ، وأنها قصفت مركزاً للبحوث العلمية في دمشق، بعد أن وصلت طائراتها إلى محيط العاصمة دمشق، وإنها في خلال أقل من خمس ساعات استهدفت 61 موقعاً عسكرياً سورياً. والغريب أن النظام الجديد في دمشق، قرر طرد المقاومة الفلسطينية من الأراضي السورية، وإقفال مكاتبها، ووجّه إنذاراً إلى جميع فصائل المقاومة بتسليم أسلحتها، والانسحاب من البلاد. أضف إلى ذلك ما أعلنته الحكومة الجديدة، أنها ستبدأ بإلغاء التجنيد الإجباري، وهو ما يعني تصفية القوات المسلحة السورية. في نفس الوقت الذي بدأت فيه إقامة طقوس يهودية، تمهيداً لإقامة المستوطنات اليهودية على مقربة من دمشق. وهذا يظهر نية صريحة لعدم التفكير حالياً، أو حتى مستقبلاً في استعادة الأراضي المحتلة.
المفارقة هنا، أن الذين وصلوا إلى الحكم في سوريا، هم بلا خبرة سياسية لإدارة الدولة، وليسوا رجال دولة بالمعنى السياسي، فلقد أمضوا سنوات حياتهم ضمن منظمات متطرفة، معادية أصلاً لمعنى الدولة الوطنية.
ويظل متخفياً وراء ستار الأحداث، الدور الأمريكي، حيث إن مسؤولاً إسرائيلياً رفيع المستوى، قال صراحة: إن بلاده أبلغت واشنطن مسبقاً، بعملياتها للسيطرة على مواقع داخل سوريا، ويتماشى ذلك مع اللهجة الأمريكية المتغيرة من وصف «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، التي كان يتزعمها أبو محمد الجولاني، بأنها جبهة إرهابية، إلى درجه أنها سبق أن رصدت 10 ملايين دولار لمن يدلها على مكانه، ثم عدلت عن موقفها كلية بعد دعمه في الوصول إلى حكم سوريا، لتحسين صورته ووصفه بالرجل المعتدل.
الوضع في سوريا يتجه نحو التأزم والخطورة، ولا مفر من خلق حالة وأوضاع، تقود الدولة السورية نحو وضع تؤدي فيه القوى الوطنية على اختلافها دورها المطلوب. وهنا كان مهمّاً الطرح الذي صدر عن لجنة الاتصال الوزارية العربية، بشأن سوريا، والذي انعقد بمدينة العقبة الأردنية، وتضمن دعم عملية انتقال سلمية سياسية سوريّة، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، باعتبار أن المرحلة الحالية تستوجب حواراً وطنياً شاملاً. وكان من المهم ما أعلنه مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، في لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي، من تأييد الأمم المتحدة لعملية سياسية شاملة وموثوق بها، لتشكيل الحكومة المقبلة.
وما دام حكام سوريا الجدد اختاروا حالة السكون، إزاء الدمار الكلي واليومي للمؤسسات العسكرية السورية وجيشها، وتركوا للإسرائيليين أن يفعلوا ما هم فاعلون، مع إيضاح منهم بأنهم ليسوا مهتمين بحرب أو عداء مع إسرائيل، فإن الأوضاع تقتضي أن يمسك بزمام الموقف الراهن سوريون، يعرفون كيف يمكنهم تقوية مؤسسات الدولة العسكرية، بما يردع العدوان الإسرائيلي اليومي.
من ناحية أخرى، فعلى الأراضي السورية من أيام بشار الأسد، توجد خمس قوات مسلحة، وكلها أجنبيه كان بينها صراعات حادة، ولا يزال الموقف الأمريكي يكشف يوماً بعد يوم عن دور أمريكا في دفع «هيئة تحرير الشام» للقيام بما قامت به، إذ إن أمريكا كانت تحرك الأحداث من وراء الستار، وهو ما كشفت عنه صحيفة «التلغراف» البريطانية بأن القوات الأمريكية الموجودة في سوريا أبلغت بريطانيا قبل التغيير في سوريا بعده أسابيع بما سيحدث، وأن كل الأمور في سوريا ستتغير. في نفس الوقت كشف الرئيس المنتخب دونالد ترامب، عن أنه لا شان لنا بما يحدث في سوريا، في الوقت الذي كان يرى فيه إسرائيل وهي تقوم بغارات جوية مستمرة على الدولة السورية.
يبقى أن ما حدث في سوريا الآن، يعيد للأذهان الخطط المعروفة سابقاً ب«الفوضى الخلاقه» كما يسمونها، لتفتيت الأوضاع المستقرة في منطقه الشرق الأوسط، وهو ما سبق أن نشرته جريدة القوات المسلحة الأمريكية. وفي ظل التدخلات الأجنبية، عادت أمريكا تمارس دورها بشكل لا يخفى على أحد، وهي مرتبطة بدعم وجود إسرائيل في الشرق الأوسط.
أما وقد ظهر ما يشير إلى دور أمريكا في دعم «هيئة تحرير الشام»، وتطلب من الشرع تحسين علاقته بإسرائيل، فهذا يعني أن إسرائيل كان لها دور مساند لأمريكا في إجراء التغييرات في سوريا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق