العلاقات جوهر حياتنا الاجتماعية، تشكّل هويتنا، وتؤثر في مشاعرنا وسلوكياتنا اليومية، لكن ليست كل علاقة تُسهم في سعادتنا أو تطورنا الشخصي، فهناك علاقات يمكن أن تتحول إلى عبء نفسي وعاطفي، تُعرف بالعلاقات السامة، التعرف إليها والخروج منها من دون الشعور بالذنب يمثل تحدياً كبيراً، لكنه خطوة حاسمة نحو حياة أكثر صحة وسلاماً.
العلاقات السامة ليست دائماً واضحة، فقد تتسلل إلى حياتنا ببطء، قد يشعر الفرد بأنه محاصر في دائرة من النقد المستمر، الاستغلال، أو السيطرة العاطفية. قد يكون الطرف الآخر نرجسياً، يتجاهل احتياجاتك، أو يجعل كل مشكلة تتعلق بك. هذه الديناميكيات تؤثر سلباً في الثقة بالنفس والصحة النفسية، مما يجعل من الضروري الانتباه للإشارات التي تدل على سُمّية العلاقة.
اكتشاف العلاقة السامة هو الخطوة الأولى، إذا وجدت نفسك دائماً في حالة من التوتر، أو تشعر بأنك تبذل كل الجهد للحفاظ على العلاقة بينما الطرف الآخر لا يقدّم شيئاً، فقد تكون في علاقة غير صحية، الأشخاص في العلاقات السامة، غالباً ما يشعرون بالاستنزاف العاطفي، أو يجدون أنفسهم يتجنبون مواجهة الحقيقة خوفاً من فقدان العلاقة أو إيذاء الطرف الآخر.
بمجرد التعرف إلى العلاقة السامة، يأتي التحدي الأكبر: الخروج منها.. كثيراً ما يرافق هذه الخطوة شعور بالذنب، خصوصاً إذا كان الطرف الآخر يستخدم التلاعب العاطفي أو يجعلنا نشعر بالمسؤولية عن سعادتهم، لكن من المهم أن ندرك أن البقاء في علاقة تضر بصحتنا النفسية ليس تضحية نبيلة، بل هو إنكار لحقنا في السعادة والراحة.
للخروج من علاقة سامة بطريقة صحية، يجب أن نبدأ بوضع حدود واضحة، هذه الحدود تتيح لنا التعبير عن احتياجاتنا واستعادة السيطرة على حياتنا. التحدث بصراحة واحترام مع الطرف الآخر يمكن أن يساعد في توضيح الأمور، لكن في بعض الحالات، قد يكون من الضروري إنهاء التواصل بشكل نهائي إذا استمرت العلاقة في استنزافنا.
من المهم أيضاً أن نتعلم كيفية التعامل مع الشعور بالذنب، إنهاء علاقة سامة لا يعني أنك شخص قاسٍ أو غير مسؤول، بل يعني أنك تهتم بنفسك وتدرك قيمة سلامك النفسي، يمكن أن يساعدنا التفكير في الأسباب التي دفعتنا لاتخاذ هذا القرار على تجاوز الشعور بالذنب. تذكير أنفسنا بأننا نستحق علاقات صحية قائمة على الاحترام والتقدير هو خطوة مهمة في هذه الرحلة.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
0 تعليق