صوت الجمهور صار أعلى من صوت أي حدث فني، والمؤسف أن هذا الصوت لا يُطرب أصحاب الفكر الموزون والمتعمقين في جوهر الفن ومعنى الحدث وقيمة رموزه.. صوت نشاز يجرف الرأي العام نحو التفاهة والقشور والمظاهر، ويغذي في النفوس الرغبة في التذمر دائماً والتنمر على كل نجم ونجمة، خصوصاً في المناسبات الكبرى والاحتفالات الفنية، مثل حفل «جوي أووردز» الذي أقيم في الرياض قبل أيام. لا أعتقد أن النجوم الأجانب أنتوني هوبكنز، مورجان فريمان، ماثيو ماكونهي، أندريا بوتشيلي، كريستينا أغيليرا، أماندا سيفريد، وغيرهم ممن شاركوا في هذا الحفل الضخم وممن تم تكريمهم فيه، لاقوا أي شكل من أشكال النقد والتنمر من قبل الجمهور في دولهم بعد الحفل، كما حصل للفنانين العرب الذين تصيدهم هواة السوشيال ميديا لنشر مقاطع من تصريحات لهم أو صور مرورهم على السجادة الحمراء للسخرية منهم أو انتقادهم أياً كان ما قالوه أو فعلوه أو ارتدوه!. هل صارت وسائل التواصل الاجتماعي ابتلاء أصاب فئة كبيرة من الجمهور ومواقع تنشر الأخبار الفنية؟ لماذا يتم تفريغ كل حدث وكل عمل من مضمونه ليتسلى البعض بالسخرية من النجوم وتحويل السوشيال ميديا إلى مصاطب للنميمة؟ هناك من «يجلب الدب إلى كرمه» كما يقول المثل، حيث ترتدي بعض الفنانات ملابس لا تليق بأجسادهن أو بأعمارهن فيتعرضن بشكل تلقائي للنقد، وهناك من تستفز الجمهور بتصرفاتها عمداً كي تلفت الأنظار وتصبح بلحظة «ترند» الكل يتداوله ويتحدث عنه.. لكن المستغرب أن نخرج من «جوي أووردز» بهذا الكم من السخرية والضجيج غير الفني، ولا نقرأ سوى النوادر من الملاحظات الفنية المعنية بالحدث نفسه وبمن نالوا الجوائز والمكرمين وهذه الكوكبة من نجوم العالم التي التقت على أرض الرياض. نفهم أن تكون لقطة مد النجم العالمي ماثيو ماكونهي يده لمساعدة هنا الزاهد الصعود إلى المسرح لاستلام جائزتها هي «سكوب»، لقطة صحفية ليس أكثر، لكن أن تتحول إلى مادة للنميمة وتتلقى هنا الزاهد سيلاً من الانتقادات والاتهامات بأنها افتعلت الموقف لتلفت نظر ماكونهي، وكيف ترضى أن يمسك بيدها، وغيرها من التعليقات السخيفة، فهو أمر يعكس أن العيب في نظرة هؤلاء وخبث نواياهم والرغبة الجامحة في جرف الجمهور نحو المزيد من التفاهة والانحطاط. إيمي سمير غانم حامل أم وزنها زائد، وكيف تحمل دون أن تعلن الخبر للجمهور؟ محمد سامي تجاهل شقيقته ريم على السجادة الحمراء والسبب «أكيد» زوجته مي عمر.. انظروا إلى وجوه النجمات في الصور بلا فلتر.. نظرة أحمد عز للفنانة التركية توبا، ونظرة الفنان التركي باريش أردوتش لياسمين صبري.. ناهيك طبعاً عن الفساتين وما ظهر منها وما يرضي ذوق الجمهور ليقيّم كل إطلالة. كلما حاولت البحث عن خبر وجملة مفيدة عن «جوي أووردز» تتصدر النميمة ويعلو صوت التنمر على كل عمل وخبر فني حقيقي.
[email protected]
0 تعليق