الاكتفاء بالجيد - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

يبدو أن الجميع يطمحون إلى أن يكونوا أفضل في كل لحظة، وهذا بديهي وطبيعي، ولكن أن يتحول لهاجس وغاية لتحقيق المثالية، وتسكن أعماقنا وتتغلغل في تفاصيل حياتنا اليومية، حتى نعتقد أن الكمال هو وحده الذي يستحق التقدير، فهذا يجعل السعي للكمال عبئاً كبيراً، يسبب مشكلات عدة في حياتنا اليومية.
أيضاً الهوس بالمثالية يصبح عبئاً ثقيلاً على صحتنا النفسية، لأننا نتخيل أن كل شيء يجب أن يكون مثالياً، سواء في العمل، أو في علاقاتنا، أو في مظهرنا الشخصي، أو في مختلف تفاصيل حياتنا الاجتماعية، وعندما لا نتمكن من الوصول إلى هذه المعايير، نشعر بالإحباط والفشل. هذا الشعور بعدم الكفاية يعزز مشاعر القلق والتوتر، ويخلق دوامة لا تنتهي من النقد الذاتي. ومعها نبدأ بالنظر إلى أنفسنا من خلال عدسة مشوهة، ترى فقط العيوب، وتهمل الإنجازات الصغيرة التي تجعلنا بشراً عاديين لكننا قادرين على التقدم والنمو.
السعي المستمر نحو المثالية يفقدنا قدرتنا على الاستمتاع باللحظة الحالية، نحن نعيش في عالم لا يتوقف عن الحركة، حيث تسارع الأحداث يدفعنا إلى تجاهل ما هو مهم حقاً، نحن لا نقدّر الجمال في البساطة أو الإنجاز في شكله الطبيعي، بل نطالب بأن يكون كل شيء «أفضل».
لكن، ماذا لو قررنا أن نكتفي بالجيد بما فيه الكفاية؟ ماذا لو توقفنا عن السعي المستمر للكمال وسمحنا لأنفسنا بأن نكون راضين عن الإنجاز الذي تحقق، حتى وإن لم يكن مثالياً؟
الجيد بما فيه الكفاية لا يعني القبول بالركود، بل هو دعوة للقبول بالأخطاء والعيوب كجزء من عملية النمو، هو أن نمنح أنفسنا الإذن بالراحة، وأن نعلم أن كل خطوة صغيرة تقربنا من هدفنا هي إنجاز حقيقي.
إن تحرير أنفسنا من عبء المثالية يمنحنا مساحة لنكون أكثر إبداعاً وأقل قيداً. بدلاً من أن نستهلك وقتنا في محاولة للوصول إلى شيء غير موجود، يمكننا أن نستثمر طاقتنا فيما هو مهم حقاً، يمكننا أن نكون أكثر مرونة في تقبل التحديات والأخطاء، ونعلم أن الطريق نحو النجاح ليس خطاً مستقيماً، بل مجموعة من اللحظات التي تتداخل فيها المحاولات الناجحة مع الفشل.
الهوس بالمثالية لا يؤدي إلى النجاح بقدر ما يؤدي إلى الإرهاق، عندما نكتفي بالجيد، نسمح لأنفسنا بأن نكون أكثر سعادة وأكثر توازناً.

[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com

أخبار ذات صلة

0 تعليق