يبدو أن ما يعد له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد أوروبا لن يمر على خير، فهو يواصل استفزازهم وتهديدهم بحرب جمركية جديدة، أسوة بالصين وكندا والمكسيك، فيما وزيره إيلون ماسك يعلن مجدداً تأييده ل«حزب البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف في الانتخابات العامة التي تجري أواخر الشهر الحالي، ما تعده ألمانيا تدخلاً في شؤونها الداخلية، ومحاولة من إدارة ترامب لتعزيز أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا على حساب الديمقراطية والمؤسسات.
وإذا كان ترامب يعتزم إرسال ثلاثة من كبار العاملين في إداراته إلى أوروبا، من بينهم نائبه جاي دي فانس، فإن هؤلاء يذهبون لإبلاغ قادة أوروبا بما يعتزم ترامب القيام به، وبما عليهم القيام به، وليس للتفاوض على حلول تقبل بها أوروبا، ذلك أن ترامب من النوع المسكون بالمواقف الاستفزازية التي تثير مؤيديه ومعارضيه، وأثرت في شخصيته السياسية، وجعلته أكثر صداماً وتحدياً، من دون اعتبار لحليف أو صديق أو خصم، خصوصاً أنه تمكن منذ عام 2016 من إدخال الحزب الجمهوري في منعطف سياسي جديد شكّل تغييراً جوهرياً في القيم المحافظة التقليدية للحزب، من خلال شعار «أمريكا أولاً» ذات الطابع اليميني القومي، ما جعله يعزز هيمنته على الحزب، ويعيد تشكيله وفق رؤيته، ويحدد سياساته بما يحقق المنافع الاقتصادية والتجارية والمالية للولايات المتحدة بمعزل عن الجهة المستهدفة.
لذلك، فإن تدهور العلاقات مع أوروبا نتيجة حتمية لسياسة قرر اتباعها، وروّج لها في حملاته الانتخابية، أسوة بالصين وكندا والمكسيك، وتعهد بمباشرتها فور وصوله إلى البيت الأبيض، وهو ما وضع أوروبا في موقف صعب أمام حليف قرر التخلي عنها، بدأ يفرض عليها مواقف وسياسيات خارج ما اعتادت عليه «القارة العجوز» من تحالف عبر الأطلسي شكّل العمود الفقري لعلاقاتهما منذ الحرب العالمية الثانية.
وعندما يدعو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأوروبيين للاستعداد للرد على أي رسوم جمركية من المحتمل أن يفرضها الرئيس الأمريكي، ويحذر من فرضها «لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة الأسعار والتضخم في الولايات المتحدة»، وينصح ترامب «بعدم مهاجمة أوروبا وعدم تهديدها بالرسوم الجمركية»، وعندما يعلن المستشار الألماني أولاف شولتس: «نقول بوضوح كبير إن على أي أحد يفرض رسوماً جمركية أن يتوقع إجراء مضاداً»، ودعا الدول الأوروبية إلى التماسك أكثر من قبل في السنوات المقبلة، في حين ندد بتصريحات ماسك حول دعمه ل«حزب البديل من أجل ألمانيا»، وقال المتحدث باسم الحكومة: «الناس العقلاء والمحترمون يشكلون الأغلبية في هذا البلد».
من الواضح أن ترامب لن يترك صديقاً أو حليفاً أو خصماً، إلا ويحاول استفزازه بقراراته، وسوف يكون العالم في عهده ساحة للصراعات، وليس رئيساً يتحقق السلام على يديه، لأن نظرته للسلام لا تقوم على قوانين الحق والعدالة والقانون الدولي، وإنما على القوة.
استفزاز أوروبا - ستاد العرب
![استفزاز
أوروبا - ستاد العرب](https://staad-arab.com/temp/thumb/900x450_uploads,2025,02,12,772058fc0d.jpg)
استفزاز أوروبا - ستاد العرب
0 تعليق