أوكرانيا.. المفاوضات وعقباتها - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

فتحت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي استغرقت 90 دقيقة، الطريق أمام المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، لكنها تحتاج إلى موافقة من جانب كييف، وإلى تحديد كيفية سيرها والطريق الذي ستسلكه، وإلى موقف أوروبي وإمكانية المشاركة فيها.
وإذا كان الرئيس الأمريكي وصف المكالمة بأنها كانت «رائعة واستمرت لفترة طويلة»، وأنه اتفق مع الرئيس الروسي على بدء المفاوضات لإنهاء الحرب، وعلى تبادل الزيارات، فهذا يعني أنه تم اتخاذ الخطوة الأولى بانتظار موافقة الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي لتحديد مكان وزمان انعقادها، وتحديد الوفود، وقبل ذلك مكان وزمان انعقاد القمة المرتقبة بين الرئيسين التي قال ترامب أنها ستعقد قريباً.
لكن اللافت أن الرئيس الأمريكي حدد موقفين جديدين، هما أن مسألة انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي غير مطروحة على الطاولة، و«من غير المرجح» أن تعود أوكرانيا إلى حدود ما قبل عام 2014 مع عودة بعضها فقط، أي أن روسيا سوف تحتفظ بشبه جزيرة القرم، وبمعظم الأراضي التي استولت عليها بعد هجوم 25 شباط (فبراير) 2022، وهذا الأمر سوف يؤدي إلى اقتطاع نحو 20 في المئة من الأراضي، وهو ما كانت تطالب به موسكو، إضافة إلى إعلان حياد كييف، وتحديد مفهوم واضح للأمن الأوروبي المتبادل والمتوازن، في حين كانت أوكرانيا تطالب بكل الأراضي التي تحتلها روسيا بما فيها شبه جزيرة القرم والانضمام إلى حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وضمانات أمنية أمريكية.
تبدو أوروبا في وضع لا تحسد عليه، فهي حتى الآن معزولة في قضية وضعت نفسها في صميمها وتحولت إلى قضية مصيرية لها، لذا تطالب بدور في المفاوضات، فهي كانت المحرض الأول على استمرار الحرب والمساهم الأكبر في تمويلها، لذلك قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك «لا يمكن تحقيق السلام إلا بشكل مشترك لنا جميعاً، أي مع أوكرانيا ومع الأوروبيين»، وأشارت إلى أن مؤتمر ميونيخ للأمن الذي يعقد اليوم (الجمعة) سوف يناقش هذا الأمر.
إن استبعاد أوروبا من المفاوضات يشكل ضربة لكل الجهود التي بذلتها القارة العجوز من أجل هزيمة روسيا، وإهداراً لكل الأسلحة والأموال التي قدمتها لأوكرانيا منذ عام 2022، لذلك فهي ترى في استحواذ الرئيس ترامب على المفاوضات وتحديد مستقبل أوكرانيا بمعزل عنها ضربة قاصمة للتحالف الغربي.
ويرى البعض أن الرئيس الروسي سجل في مكالمته الهاتفية مع ترامب انتصاراً سياسياً جديداً يضاف إلى الانتصارات الميدانية المتلاحقة، حتى أن جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق لترامب اعتبر أن الرئيس الأمريكي «استسلم فعلياً» للرئيس الروسي. أضاف: إن المكالمة «تبشر بانعكاس كامل لموقف الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بشأن عدد من القضايا، بما في ذلك اقتراح إنهاء الحرب في أوكرانيا.. وهو ما كان يمكن كتابته في الكرملين».
كان من المعروف أن الحرب الأوكرانية لا بد أن تنتهي من خلال المفاوضات مهما طال أمدها واستنزفت من قوى بشرية ومادية، وأن أوكرانيا والدول الغربية لن تحقق النصر الذي كانت تأمله، وأن لا بد من تقديم تنازلات أوكرانية من خلال تحقيق معظم المطالب الروسية، لذلك فإن مبادرة ترامب تمثل خشبة الخلاص لأوروبا وأوكرانيا وروسيا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق