في الثالثة والأربعين من العمر هم الآن أولئك الذين وُلدوا في عام الدورة الأولى من معرض الشارقة الدولي للكتاب، وإذا افترضنا أنهم بدؤوا يقرؤون وهم في العاشرة من أعمارهم فهناك إذاً ثلاثة عقود في رفقة الكتاب متسلسلة على حب القراءة وتراكماتها وثقافتها التي شكّلت شخصيات هذا الجيل الذي وُلد في زمن معرض الكتاب، وتدرّج في معرفته الثقافية لمراحل هذا الزمن، ثم شهد بالعين والقلب تطور المعرض من مرحلة نشرية مهنية إلى أخرى.
وها هو هذا الجيل الأربعيني أو الثلاثيني يسمع ويرى ويقرأ عن الحقيقة التي ترفع الرأس وهي أنه المعرض الأكبر في العالم على مستوى الشراكات بين الناشرين، والأكبر على مستوى مشاركات دور النشر، واتساع مبادرات المعرض، وتنوّع أفكاره وتعدد استقطابه للعالم بكل جهاته الجغرافية والثقافية.
كل هذه الظواهر المرئية والمُعيّنة في تاريخ معرض الشارقة للكتاب يعرفها تماماً من تقع أعمارهم في الثلاثين والأربعين، فلقد وُلدوا بين الكتب، وتعلّموا من القراءة التي كرّسها المعرض كعادة وسلوك وثقافة.
عرف جيل معرض الشارقة الدولي للكتاب ورشات العمل القرائية الموجّهة للأطفال. وأخذ هذا الجيل يتعرّف إلى ثقافات العالم ومؤلفاته وكُتّابه من خلال دور النشر والأجنحة المشاركة، وبعد دورات تالية أصبح المعرض يستضيف المؤلفين أنفسهم، ويفتح أبواب التعارف بينهم وبين القرّاء.
الدرّة العزيزة على قلوب جيل المعرض الثمانيني والتسعيني ستكون المعجم التاريخي للغة العربية، هدية الشارقة للثقافة العربية التي تقوم أولاً وأخيراً على اللغة، واللغة حارسة الهوية والأدب، وسيكون المعجم حارساً أيضاً لهذه الهوية اللغوية والثقافية.
جيل معرض الشارقة للكتاب هو جيل المعجم التاريخي للغة العربية، وبيت الحكمة من الشارقة، وهيئة الشارقة للكتاب، ومدينة الشارقة للنشر، وبيوت الشعر العربية، والهيئة العربية للمسرح، وجمعية الإمارات للناشرين، ومؤتمر الناشرين ومؤتمر المكتبات.
كل هذه الدوائر المتصلة والمتداخلة أساسها أو مركزها المعرض.
وإن من ولدوا في الثمانينات هم اليوم شهود عيان على ظاهرة معرض الشارقة للكتاب، وقبل سنوات كتبت في هذه الزاوية أن المعرض تحوّل إلى مؤسسة، وأنه من الحق أن يقال اليوم إن المعرض تاريخ وذاكرة.
المعرض تاريخ جيل الثمانينات أو من ولدوا في الثمانينات مع دورته الأولى آنذاك، والمعرض ذاكرة هذا الجيل، ولعلّ الكثيرين من هذه الكوكبة القارئة الجميلة يتذكرون العديد من القصص التي تشكل تاريخ المعرض السردي والحكائي منذ دوراته في ساحة «إكسبو» القديمة بالقرب من جريدة «الخليج» وإلى اليوم.
جيل المعرض له خصوصية معنوية لارتباطه الزمني والنفسي بكل فضاءاته.
[email protected]
0 تعليق