7 نوفمبر - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

وليد عثمان
ليس غريباً أن ترافق بعض مباريات كرة القدم أحداث عنف، سواء في ميدان المنافسة بين اللاعبين، أو بين الجماهير في الملاعب وخارجها. وفي ذاكرة التاريخ، وقائع دموية في هذا الجانب، تشير إلى الجنوح البشري الذي يُخرج أحداثاً عادية من سياقها الطبيعي ويمنحها استثناء لا يمكن امتداحه أو الدفاع عنه بحال.
على هذا، كان يمكن التعامل مع ما حدث في أمستردام مساء الخميس 7 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بوصفه شغباً يولّده حماس مشجعي فريقين رياضيين، أو أحدهما، أو هوسهم المرفوض حين يرقى إلى درجة الجريمة، أي أنه لا يقف عند حد تبادل الهتافات أو الشعارات المسيئة أو الساخرة، بل تسيل بسببه الدماء.
في واقعة أمستردام، التي كانت تستضيف مباراة بين فريقي «مكابي تل أبيب» الإسرائيلي و«أياكس»، خرج الأمر عن طابعه الرياضي، ومن الملعب ومحيطه، ليصبح عملاً سياسياً عابراً للحدود، بل إن البعض جعله امتداداً مصغراً للحرب الدائرة في غزة ولبنان.
وبهذا التوصيف الخطير للحديث، من الطبيعي أن تتعدد الروايات حول مبتدأه، وأن تتقاذف الأطراف المعنية تهمة إطلاق شراراته التي تمددت وصنعت أزمة سياسية متعددة الأطراف. هذه الأزمة شبهها البعض في إسرائيل بما جرى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وأعاد البعض الآخر تكرار نغمة معاداة السامية، بينما ركب سياسيون متطرفون في أوروبا الموجة للهجوم على كل ما هو عربي أو مسلم مناصرةً لكل يهودي أو إسرائيلي.
وفي الواقعة وارتداداتها مكامن خطر عدة، حذّر كثيرون من ظهورها على خلفية ما يدور في غزة ولبنان، فلولا ذلك ما وقعت الأزمة، أو لبقيت في إطار الجنون الرياضي الذي يمكن تطويقه. ومكمن الخطورة الأول أن تتكرر المسألة على نحو يجعلها مواجهة دينية أو عرقية، ومادام العرب والمسلمون والإسرائيليون واليهود منتشرين في بقاع الأرض، فمن الجائز جداً أن تنتهي مناوشات بسيطة، تنشأ لأي سبب، إلى ساحة جديدة للحرب يغذيها من يعتبر اعتداء طرف على آخر كسباً لإحدى معاركها.
وإذا بقي هذا الاحتمال، أي الاشتباك المفاجئ أو المدبر في أي مكان من العالم، قائماً، فقد تصبح دوله كلها أمام تهديد لا يمكن تحديد مصدره والواقفين خلفه، والمفارقة أن يكون التحذير من أن تصبح التحذيرات من اتساع جبهة الصراع في المنطقة صالحة للتداول خارجها في بقية أرجاء الأرض. وقد يكون في ذلك بعض الضوء الذي يقود مشعلي الحرب والمتربحين منها في المنطقة وخارجها إلى بعض التفكير في عواقب ذلك والامتثال لدعوات إنهائها قبل أن نجد أنفسنا أمام موجة عنف عالمية لا يمكن التنبؤ بتبعاتها.
إن الروايات المتداولة حول الواقعة تغرق في التفاصيل، لكنها تكاد تُجمع على أن بدايتها كانت ممارسات مستفزة من مشجعي الفريق الإسرائيلي، تحولت بعد الرد عليها إلى تباكٍ وادعاء مظلومية وشيطنة الطرف الآخر، لكن الأهم من ذلك كله التحسب لما هو آتٍ.
[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق