فرص ترامب المحدودة في أوكرانيا - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعاد فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالسباق إلى البيت الأبيض الأضواء مجدداً إلى الأزمة الأوكرانية التي حجبتها نسبياً الحرب الإسرائيلية العدوانية على غزة ثم لبنان، وسرعان ما تغير الخطاب السياسي، خصوصاً لدى كييف، التي يبدو أنها أسقطت الخيار العسكري في المواجهة مع روسيا، وبدأت تتحدث بإيجابية عن خيار المفاوضات والرغبة في السلام، واحتمال تقديم تنازلات مؤلمة إذا اقتضت الضرورة.
من مؤشرات تفعيل الاتصالات الدبلوماسية حول الأزمة الأوكرانية تلقي ترامب تهنئة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تضمت مواقف إيجابية تركت الباب مفتوحاً أمام التواصل، وهو ما سيترجم واقعياً باتصال بين الرجلين، بعدما أجرى ترامب مكالمة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي أبدى، على مضض، ارتياحه لهذا الاتصال، دون أن يخفي هواجسه مما ستحمله الأيام والأسابيع المقبلة، بشأن الدعم الغربي من الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
ولم يتسرب الكثير عما جرى في تلك المكالمة، لكن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الذي شارك في الاتصال الرئاسي، قال في تغريدة عاجلة «ستتوقف عمليات القتل التي لا معنى لها قريباً.. لقد انتهى وقت المحرضين والمضاربين»، وتعكس هذه التغريدة الاتجاه الذي ستتوخاه الجهود الأمريكية حيال هذه الأزمة في المستقبل، وهو ما كان واضحاً خلال الحملة الانتخابية، فقد تعهد ترامب مراراً بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، كما ألمح نائبه جيمس دي فانس إلى بوادر «خطة سلام» سيجري طرحها بعد تسلم الإدارة الجمهورية مقاليد البيت الأبيض في العشرين من يناير المقبل.
أما ما تم تسريبه في وسائل الإعلام عن ملامح هذه الخطة مثل احتفاظ روسيا بمكاسبها الإقليمية ونشر قوات أوروبية لحفظ السلام وتأجيل انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي 20 عاماً، فلا ترقى إلى درجة الحل الرسمي، وإنما هي نوع من المجسات لرصد ردود الفعل.
من المألوف أن التعهدات في الحملات الانتخابية لا ينفذ جلها أو كلها في الغالب، وحديث ترامب عن إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية «خلال 24 ساعة» تعهد غير واقعي ولم يأخذه طرفا الأزمة على محمل الجد، وخصوصاً روسيا التي قالت مسبقاً إن هذه الخطة أقرب إلى الوهم، وعاد وزير خارجيتها سيرغي لافروف ليؤكد، بعد فوز ترامب، بأنها «مجرد شعارات»، وأن الأزمة في أوكرانيا ليست بسيطة إلى هذه الدرجة.
وفي ظل الوضع المعقد، ربما تكون الواقعية الروسية أكثر منطقية من وعود ترامب، الذي يحمل على إدارة جو بايدن الديمقراطية، إسرافها في تقديم المساعدات إلى كييف دون أي نتيجة. كما استبعد، في مناسبات عدة، تحقيق النصر على روسيا «التي هزمت نابليون وهتلر».
لا شيء يمنع ترامب وفريقه الجمهوري من التحرك لإنهاء الحرب، لكن فرص النجاح ستظل محدودة، فالخلافات بين الدولتين العظميين، روسيا والولايات المتحدة، أكبر من أوكرانيا، وتتعداها إلى برامج التسلح والأمن الاستراتيجي والصراع الفضائي وصولاً إلى إعادة بناء النظام الدولي.
ومؤخراً قال بوتين إن النظام العالمي القديم انتهى، وإن صراعاً عنيفاً يدور الآن من أجل نظام جديد. أما ترامب، الذي يستعد لقيادة أقوى دولة على وجه الأرض، فمهما أوتي من الشجاعة والقوة فلن يستطيع تجاوز مصالح دولته، وربما ستدفعه الظروف والضغوط إلى مواصلة الدور الأمريكي ذاته في أوكرانيا، وهو ما يجعل فرص مبادرته لحل تلك الأزمة محدودة وغير مضمونة النجاح.

أخبار ذات صلة

0 تعليق