مفارقات إعادة العظمة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما رأيك في العودة إلى شعار دونالد ترامب، ولكن بنظرة مختلفة؟ يريد إعادة العظمة إلى أمريكا مرة أخرى، وهو حق مشروع لأيّ دولة. بقي أن نُنقّب في ديار الكلمات عن خافيات المعاني. التحليل في سبيل الفهم مباح متاح، فما أحوج الأمم والحضارات إلى استعادة أمجادها. لعلنا نجد على هذه النار الحارقة هدىً، فنستعيد الحضارة ونعزّز الهوية.
دعنا من أن لفظ أمريكا هو في حد ذاته وضع اليد على القارة الجديدة بكاملها، بغير حق، فلا يجوز لدولة الاستئثار باسم قارّة تضم 35 بلداً شمالاً وجنوباً. إذا كان الواقف على عتبة البيت الأبيض يعني بشعاره أنه سيعيد شيئاً موجوداً، فالكلام لا معنى له، والقائل لا يعي ما يقول. المضمون مضمون إذا كان اعترافاً بأن العظمة كانت صرحاً فهوت، كأن يبخّر لها في حفل استحضار روحها، أو استنساخ خليّة منها كالنعجة دوللي.
الآن ما هي العظمة التي يريد إعادتها؟ رجاء لا تشغلنا عن الغاية بالدعابة إذا تذكرتَ مقولة الساخر الإيرلندي برنارد شو: «أمريكا هي الدولة الوحيدة التي انتقلت من البربرية إلى الانحدار من دون أن تمر بمرحلة الحضارة». ذوو الأصول الإيرلندية كثيرون من بينهم بيل كلينتون، وكل الذين في أسمائهم «ماك»، هم أولى بالرد، إن لاح لهم قوله هجاءً.
لا شكّ في أن من يرفع شعار «فلنجعل أمريكا عظيمةً مرة أخرى»، قد حدّد مثالاً للعظمة من تاريخ بلده، في حقبة أو حقب محددة. ذاكرة البلد متحف، فهل تُرى فخامة ترامب يعني بالعظمة تلك الملاحم اللاحمة التي صار بها الهنود الحمر هباءً منثوراً وأثراً بعد عين، هم وسبعون مليوناً من أبقار البيسون.
من العسير حتى على مفكرينا ومثقفينا وباحثينا، أن يستقرئوا وقائع التاريخ لاستشراف ما يمكن حدوثه، إذا أراد الرجل اللغز أن يجسّد إعادة العظمة بنسخ جديدة من الهنود الحمر. لهذا عمد إلى انتقاء طاقم العمل من زبدة الزبدة، شخصيات تلوح لها مشاهد فيتنام، يوغوسلافيا، أفغانستان، العراق، سوريا، ليبيا، غزّة ولبنان... تمارين أو بتعبير العبارة الظريفة «لعب عيال». العتاة العتاولة لهم ألغاز ورموز فهم لا يفصحون. يقولون سنغير الخرائط، ولكن كيف؟ أخذوا عن المتصوفين الرمزية، وعن هيتشكوك التشويق.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاقتصادية: دع ما سيكون أن يكون، فالخبر اليوم باهظ الثمن، وغداً مجّاناً. طب نفساً، إذا حكمت إعادة العظمة.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق