إن اهتمام صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، بصون وحفظ التراث سبق توليه مقاليد حكم الإمارة بأعوام عديدة، ولعل حادثة هدم الحصن إحدى تلك الشهادات والدلائل على اهتمام سموّه المبكر بالتراث والتاريخ صوناً وحماية وحفظاً.
أما بعد وصوله إلى سدة الحكم وطغيان التمدن على مختلف مظاهر الحياة، الأمر الطبيعي والإلزامي لأي دولة فتية في بداية نهوضها، فقد رأى أنه من الواجب الالتفات إلى ذلك الموروث المادي الذي سيحفظ ذاكرة هذا البلد للأجيال القادمة، فأمر بإعادة إحياء منطقة الشارقة القديمة، منطقة قلب الشارقة، بمساكنها وأسواقها وأزقتها ومعالمها الدفاعية وشواهدها ومراكز إشعاعها الفكرية والأدبية والتعليمية.
ولم يقتصر ذلك الاهتمام على تراث مدينة الشارقة فحسب، بل امتد طوال الأعوام الماضية ليشمل مدن الإمارة المختلفة ليعاد إحياء مواقعها التراثية التي تشكل اليوم عاملاً أساسياً للجذب السياحي ونمو الحراك الثقافي فيها، ما جعلني أعتقد أن مدينة الشارقة قد استوفت حقها مما نالها من اهتمام في هذا الجانب منذ تسعينات القرن الماضي.
وحرص سموّه على أن يُزال كل تلوث بصري وتعدٍّ جارح يحيط بتلك المناطق ويعكر صفو الإرث التاريخي، وأراد من كل ذلك خلق تواصل حي ومباشر بين الجيل الحاضر ومنجزات الآباء والأجداد، ليس فقط من خلال المباني المعاد إحياؤها، بل من خلال توجيهاته الكريمة السديدة بإقامة مختلف المهرجانات والفعاليات التراثية والثقافية فيها، كي تعود كما كانت سالفاً ملتقى لأفراد المجتمع في مختلف مناسباتهم وشؤون حياتهم.
هنا يتجلى ويتضح لنا أن إعادة الإحياء هي ما تُعطي الترميم قيمته الفعلية، وتُعيد للأشياء مكانتها، وتسهم في إعادة النسيج المجتمعي وتعزز انتماءه.
ولعل المتابع لأخبار سموّه وزياراته الأخيرة لمنطقة الشارقة القديمة، والسالك لتلك الطرق المؤدية إلى أو المحيطة بمنطقة قلب الشارقة، سيدرك تماماً أن هناك مشاريع كبيرة عظيمة قادمة من جديد لإنعاش المنطقة، وليعود قلب الشارقة ينبض من جديد.
0 تعليق