بكل فخرٍ واعتزاز وإكبار وشموخ نقف أمام ما قدمه مجمع اللغة العربية في الشارقة، والذي يرأسه شيخ الثقافة الوالد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بإصداره المعجم التاريخي للغة العربية، والذي صدر في 127 مجلداً، والذي كان تحدياً كبيراً على مر السنوات الماضية أمام مجمل مجامع اللغة العربية في الوطن العربي وفشلت في تحقيقه، إلا أن الشارقة وعبر حماسة سموه وتفانيه ورغبته الشديدة في إنجاز هذا العمل والذي يعتبر تاريخياً وغير مسبوق نوعياً وعملياً على مستوى الوطن العربي، ويشكل إنجازاً يحافظ على الهوية اللغوية، ويعزز ارتباط الأجيال بلغتهم، ويوثق تطور المفردات العربية ومعانيها اللغوية عبر العصور.
إن الجلد والصبر والتحدي الذي مارسه وقدّمه فريق العمل المكوّن من حوالي 700 من الأساتذة والخبراء والمختصين ومن مختلف الدول العربية، وعملهم الحثيث الدقيق في إنجاز هذه الملحمة الثقافية يعدّ درساً من دروس فن العمل الصادق المخلص، ويسجل بمداد من ذهب في سجل مجمع اللغة العربية بالشارقة، وفي سجل كل فردٍ عمل على إنجاز هذا المشروع الحضاري الفريد.
إن جمع شتات التراث اللغوي وإعادة إحياء ذاكرة الأمة من خلال لغتها ليس بالعمل الهيّن السهل اليسير، بل هو جهد سنوات وصبر أشخاص موقنين بالمهمة الوطنية الملقاة على عاتقهم، ولا أنسى الحديث الشخصي مع الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، قبل عامٍ مضى، والذي أكد فيه بلا تردد أو خوف بأن العمل جارٍ وبكل حرفية وباستخدام أفضل السبل التكنولوجية لإنجاز هذه المهمة، وبأن صاحب السمو حاكم الشارقة يتابع دقائق أمور المعجم بشكل دائم ومستمر، حتى يتحقق الهدف المنشود.
كما هو معروف أن فكرة المعجم انطلقت في عام 1932 أي قبل 92 عاماً، لكن لم يتحقق من ذلك الحلم شيء إلا على يد سلطان الثقافة والمعرفة، الذي عمل بكل طاقة ودعم وتمويل شخصي على إنجاز هذا المشروع الحضاري الذي يعدّ أهم إنجاز فكري لغوي للأمة العربية.
هذا الإنجاز فخر لنا جميعاً، وفخر لدولة الإمارات العربية المتحدة، وفخر لشارقة الثقافة.
وليس لنا إلا أن نقول، سلم فكر ويد وقلب كل من عمل في تحقيق هذا الإنجاز، جعله الله في ميزان حسناتهم.
0 تعليق