صاروخ روسي حيّر الغرب، فهل هو حامل لرؤوس نووية أم هو عابر للقارات؟ أم هو صاروخ فرط صوتي قادر على ضرب عواصم غربية في دقائق معدودة؟.. حيرة الغرب يوازيها إصرار روسي على إظهار «العين الحمراء»، بعد أن سمح الغرب لأوكرانيا باستخدام أسلحة جديدة يمكنها أن تضرب العمق الروسي والعاصمة موسكو تحديداً.
قالها بوتين في أكثر من مرة، إننا لن نتردد في استخدام السلاح النووي إذا ما كان أمن روسيا مهدداً. ومثل هذه التصريحات كان الغرب يعتقد أنّها مجرد تصريحات إعلامية في إطار حرب كلامية، لكن بوتين ما كان يوماً مازحاً في ما يتعلق بمصالح روسيا وأمنها القومي، فعندما اقتضى الحال استعادة جزيرة القرم فعلها دون أن يلتفت لصياح الغرب، وعندما اقتضى الأمر التوسع داخل الأراضي الأوكرانية، فعلها ولم يلتفت إلى صياح الغرب وحتى إلى عقوباته، وعليه فإنّ التهديد بالسلاح النووي ليس مجرّد «شغف كلامي» لدى قائد الكرملين المعروف عنه قلة الكلام وكثرة الأفعال. فعندما سمح الغرب لأوكرانيا بأن تضرب العمق الروسي بأسلحة باليستية، لم يتأخر إلاّ بضع ساعات حتى ردّ بالصاروخ اللغز، وفي هذا تحديد واضح لقواعد الاشتباك، فإن أردتم ضرب موسكو، فإن عواصمكم ستكون هي المقابل، ولن يكتفي بأوكرانيا.
قال ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، إن صاروخ «أوريشنيك» الروسي يمكنه إلحاق أضرار بالغة بالعواصم الغربية خلال دقائق، داعياً أوروبا إلى التوقف عن الدعم العسكري لأوكرانيا. وأضاف ميدفيديف في منشور عبر تطبيق «تليغرام»: «تتساءل أوروبا عن الضرر الذي يمكن أن يسبّبه النظام أوريشنيك إذا كان مزوّداً برؤوس نووية، وما إذا كان من الممكن إسقاط هذه الصواريخ ومدى سرعة وصولها إلى عواصم العالم القديم»، بحسب ما ذكرته وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء. وأكد أن «الضرر سيكون بالغاً، ومن المستحيل إسقاط الصاروخ بالوسائل الحديثة، نحن نتحدث عن دقائق»، مشيراً إلى أن «الملاجئ لن تساعد في شيء، وأن الأمل الوحيد هو أن تُقدِم روسيا على إصدار تحذير مسبق قبل عمليات الإطلاق». يأتي ذلك بعد تصريحات أدلى بها المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أكد فيها أن المواجهة الحالية يتم إشعالها من قبل الدول الغربية، مشيراً إلى أن المرسوم الخاص بتحديث العقيدة النووية لروسيا يمكن اعتباره إشارة إلى الغرب.
أكد جيفري ساكس، الخبير الاقتصادي الأمريكي والأستاذ في جامعة كولومبيا، أنه لا توجد حالياً قيادة طبيعية في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، «مُقلِق للغاية». وقال ساكس، في مقابلة على قناة «Judging Freedom» على موقع «يوتيوب»: «في الوقت الحالي، واشنطن بلا دفة. نحن لا نعرف ما إذا كان الرئيس بايدن، في حالة جسدية أو عقلية مناسبة، لأننا لا نسمعه، نحن نرى صوراً مزعجة للغاية». ووفقاً لساكس، تفتقر الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي حالياً إلى القيادة الطبيعية، التي ينبغي أن توجد على مستوى الدولة وعلى مستوى الحلف. وتابع: «نحن لا نعرف حتى من الذي يتخذ القرارات في الولايات المتحدة، وهذا أمر مثير للقلق حقاً». بالإضافة إلى ذلك، أشار ساكس إلى أن بايدن، لم يشرح بعد للأمريكيين سبب قراره السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» الأمريكية بعيدة المدى، لضرب عمق الأراضي الروسية. وقال ساكس: «في رأيي، عندما يتم اتخاذ قرار مهم، مثل القرار الذي تمّ اتخاذه قبل بضعة أيام (بشأن ضربات «أتاكمز» في عمق الأراضي الروسية)، فإننا لا نسمع رئيس الولايات المتحدة يخاطب الشعب الأمريكي لتفسير هذا القرار أو لتبديد الشائعات». ووفقاً له، فإنه يجب منع رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي روب باور، من التحدث، بعد كلامه عن الضربات على روسيا، وأفعاله التي يمكن أن تؤدي إلى حرب نووية.
وبتقدير ساكس، فإن باور رجل متهوّر ويفتقر إلى المسؤولية والمعرفة بالدبلوماسية، وأعرب البروفيسور الأمريكي عن ثقته بأنه لا ينبغي أن يحتفظ باور بمنصبه بما يشكل تهديداً للإنسانية. وأكد أيضاً أنه لو كان من يقود الولايات المتحدة الأمريكية «رئيساً عادياً»، لما صدرت مثل هذه التصريحات من الناتو. وأشار إلى أن «السبب الجذري العميق» للصراع في أوكرانيا، هو سعي الولايات المتحدة المتواصل لتوسيع حلف شمال الأطلسي إلى حدود روسيا مع أوكرانيا، لكن السلطات الأمريكية نفسها غير راغبة في تقييم تصرفاتها من وجهة نظر موسكو، وقال الأستاذ والخبير الأمريكي: «أودّ أن أقول للأمريكيين إن الأمر كما لو أن روسيا تسعى إلى إنشاء قواعد عسكرية في المكسيك، حتى نهر ريو غراندي».
واتفق ساكس أيضاً مع التقييم القائل بأن الولايات المتحدة الأمريكية، لم توافق فقط على ضربات القوات المسلحة الأوكرانية بصواريخ «أتاكمز» الأمريكية بعيدة المدى في عمق الأراضي الروسية، ولكنها نفذت هذه الهجمات بالفعل بنفسها. وخلص إلى القول: «لا يمكن لأوكرانيا استخدام هذه الصواريخ من دون المشاركة النشطة للولايات المتحدة في برمجة الأهداف وعمليات الاستهداف. هذا إجراء أمريكي».
0 تعليق