كيف تلقّيتَ النبأ الترامبي العظيم؟ زلزلت الأرض بهديره في الآفاق: «ليشهدنّ الشرق الأوسط الجحيم إذا لم يُطلق سراح المحتجزين قبل دخولي البيت الأبيض في العشرين من يناير». أحد أدعياء المعرفة بالموسيقى شبّه صيحتة بالنوتات الأربع الأولى والأربع الثانية من السيمفونية الخامسة لبيتهوفن، الذي وصفها بقوله: «هكذا يطرق البابَ القدر». ثم أرغى دونالد ، وأرعد وتوعّد، بما معناه: «هذا أوان الشدّ فاشتدّي زيم».
لك أن تحار في كنه نشأة الدول الكبرى وسقوط الحضارة التي تقوم عليها. من الهمجية البربرية لدى الفايكينغ والفندال وما على شاكلتهما، من قبائل أوروبية دموية، ازدهرت الحضارتان اليونانية والرومانية، وعبر جسر الحضارة الإسلامية انبثق عصر النهضة الأوروبية، وكان من روائعها مكتبة موسيقى سيمفونية لم يعرف لها التاريخ مثيلاً، موازية للتألق في العلوم والفلسفات والآداب والفنون، إلاّ أن أنوار العلوم والمعارف كانت تحجب عن الأنظار أفظع أشكال الاستعباد والاستعمار. في العواصم الغربية عروض قمم الموسيقى، وفي المستعمرات العزف على الرقاب من الوريد إلى الوريد.
في الحقبة التي كانت شمس الأندلس في أصيل الأفول، كانت القارّة الجديدة تشهد تسونامي فنداليا مريعاً. بالمناسبة: الأندلس أصلها فندلوس أو فَنْدَلُس لدى ابن خلدون. كان ذلك إيذاناً بتحوّل الهنود الحمر إلى أثر بعد عين. تأمّل كيف تنبت الإمبراطوريات من عصابات قراصنة إسبانيين وبريطانيين وفرنسيين، قامت دولة، لها اليوم قرابة ثمانمئة قاعدة عسكرية في كل القارات. عالم الفيزياء الفلكية الراحل هوبرت ريفز يقول: «إن بذرة شجرة السيكويا العملاقة، حجمها كحبة الأرز». بتصوير شاعرنا: «قد يبعث الأمرَ العظيمَ صغيرُهُ.. حتى تظلّ له الدماء تَصبّبُ».
عندما يفوت الأوان، لا تعود للعبرة قيمة أو معنى. إذا أضاع الحقُّ عشرات السنين في «طق الحنك»، فلا يلومنّ التماسيح والسباع وأسماك القرش، إذا هي شهرت أنياب حقّ القوة. حينئذٍ تحت كل لغز لغم. ما هذه الجحيم التي يتوعّدون؟ وما هي مساحة الشرق الأوسط التي سيمسي وقودها الناس والحجارة؟ ما يُعرف بالعقل هو أن هذه الجحيم ستكون أشدّ هولاً من القضاء على خمسين ألفاً وإصابة ثلاثة أضعافهم.
لزوم ما يلزم: النتيجة التدحرجية: يبدو أن الشرق الأوسط سيغدو بإبطال القانون الدولي ملكية خاصة للقوة.
0 تعليق