هل ترى كيف أن جامعة هيروشيما ستضيف إلى تفاسير إحدى الآيات الكريمة، تجليات علميةً جديدةً؟
كان القلم قد تحدث مراراً عن أن علماء الفيزياء والكيمياء والأحياء في بحوثهم المخبريّة، العلمية الخالصة، الخالية من أيّ أهداف غير إنسانية، تنطبق عليهم الأوصاف القرآنية للمؤمنين، الذين يتفكرون في ملكوت السماوات والأرض: «ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك».
نشر موقع «ذو برايتر سايد.نيوز» مقالاً قيّماً تحت عنوان: «اكتشاف ثوريّ يفسّر كيف بدأت كل حياة على الأرض». أليس هذا متطابقاً متجاوباً تماماً مع الآية الكريمة: «قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلقَ» (العنكبوت 20)؟ الخلق مفعول به منصوب، والضمير في بدأ يعود على الخالق تعالى.
منذ سنة 1920، وعلماء الكيمياء والبيولوجيا عاكفون على محاولة الوصول إلى همزة الوصل الحيوية، الحلقة الإعجازية التي كانت مفتاح كنز الأسرار، الذي ربط الكيمياء بالبيولوجيا، أي أخرج الحيّ من الميت. «قل سيروا في الأرض» لا تعني قطعاً التجوال للاستمتاع بالمباهج الطبيعية. هذه الأمانة يحملها «الذين يعلمون»، أولئك الذين لا يستوون «والذين لا يعلمون».
هذا الطراز الرفيع من البحث العلمي يكتسب رمزيةً خاصةً، حين تضطلع به جامعة هيروشيما، التي تعيد إلى الذاكرة تلقائياً أفظع فاجعة في تاريخ البشرية. اليوم، في مدينة أحلك ذكريات التاريخ الإنساني، يغوص العلماء اليابانيون في أعماق ماضي الكوكب، رجوعاً إلى 1.7 مليار سنة، تنقيباً عن اللحظة المعجزة منذ بدء الخلق، التي تحولت فيها الجزيئات الكيميائية إلى جزيئات حيويّة، إلى حياة. تلك الومضة الزمنية الساحرة، يسميها العلماء: «التولد التلقائي»، الموعد الإلهي الذي تحولت فيه الجزيئات غير الحية إلى خلايا حيّة: «يخرج الحي من الميت».
منطلق هذه البحوث كان من قطرات ضئيلة مجهرية سائلة: «وجعلنا من الماء كل شيء حيّ» (الأنبياء 30). لكن المسألة ليست بهذه البساطة، فالقضية الكأداء التي تحيّر العلماء، هي استعصاء الإلمام بقدرة تلك الجزيئات الحيوية على التكاثر الذاتي. الطريق طويل يطول. لكن لا يتصورنّ القراء الكرام أن القلم مهووس بالأسطوانات المشروخة، فمن الضروري إحياء الأوجاع العلمية، فالعرب والمسلمون كانوا ولا يزالون أولى بهذه الذرى الشماء من البحث العلمي، فلو بحثنا في كل الديانات السماوية والمعتقدات الوضعية، ما وجدنا نظيراً لروعة الآية التي تحث على السير في الأرض لاكتشاف مفتاح الخلق.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: ما أحوجنا إلى مذهب عرفاني يغدو فيه العلماء متصوفين، والمتصوفون علماء.
0 تعليق