الموت جوعاً - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إذا كان نحو 733 مليون شخص يواجهون الجوع في العالم، أي ما يعادل واحداً من كل أحد عشر شخصاً كما تؤكد وكالات متخصصة تابعة للأمم المتحدة، فإن هذه الوكالات تقرع ناقوس الخطر من أن الموت جوعاً يهدد أكثر من نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية، والحصار الذي تفرضه على القطاع، ومنع وصول المساعدات الإنسانية من مواد غذائية وطبية جراء استخدام التجويع كسلاح في حربها لإجبار أهالي القطاع على الهجرة وترك أرضهم، كمقدمة لتنفيذ مخطط احتلاله، ومن ثم استيطانه، كما يخطط له أعضاء الحكومة اليمينية المتطرفة التي يقودها بنيامين نتنياهو.
يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن ربع سكان غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة، محذراً من أن مثل هذه الكارثة ستكون «شبه حتمية» إذا لم يحدث تحسن ملموس. وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قد اتهمت إسرائيل باستخدام «التجويع كسلاح حرب في غزة»، لأنها تمنع دخول المساعدات عمداً، وتدمر كل ما له علاقة بالبقاء على قيد الحياة، فيما حذرت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن «الجوع وصل في غزة إلى مستويات حرجة، حيث يبحث الناس عن بقايا الطعام في النفايات التي مضى عليها أسابيع»، كما حذرت من أنه مع دخول فصل الشتاء فإن الوضع قد يتحول إلى كارثة و«يصبح البقاء مستحيلاً».
وكانت وكالات الأمم المتحدة الإنسانية قد أفادت بأنه تمت عرقلة كل محاولة لها للوصول إلى شمال غزة المحاصر. وقالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان إيلزي براندز كيرتس أمام مجلس الأمن «إن تجويع المدنيين الفلسطينيين كوسيلة حرب محظور بموجب القانون الدولي الإنساني».
وإذا انتشرت المجاعة بين سكان غزة فإن عدد الذين سيموتون بسبب الجوع أو المرض قد يفوق عدد الوفيات جراء الحرب الإسرائيلية، الذي تجاوز الخمسين ألفاً.
إن إسرائيل التي تمارس سياسة التجويع كأداة من أدوات حربها التدميرية الممنهجة، وهو سلوك يندرج في إطار حرب الإبادة، تتجاهل كل القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان وحماية المدنيين خلال الحرب، إذ يحظر القانون الدولي حظراً مطلقاً تجويع السكان كأسلوب من أساليب الحرب، كما يحظر مهاجمة أماكن اللجوء، والمدارس، والمستشفيات، ومحطات المياه والكهرباء، والسدود، والاحتياجات الإنسانية من غذاء أو دواء، كما لا يجوز حجب عروض المنظمات الإنسانية تقديم خدماتها بشكل تعسفي أو غير قانوني. كذلك فإن الأمم المتحدة منعت استخدام التجويع كسلاح بموجب قرار مجلس الأمن الذي صدر عام 2018. كما أن المادة الثامنة من نظام المحكمة الجنائية الدولية تنص على أن «تجويع المدنيين عمداً بحرمانهم من المواد الضرورية التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية الإنسانية، يعد جريمة حرب». إضافة إلى المادة الرابعة من «اتفاقية جنيف الرابعة» التي تنص على ضمان حصول السكان المدنيين على الغذاء والإمدادات الطبية.
إذاً، التجويع المتعمد هو جريمة حرب ترتكبها إسرائيل يومياً ضد الشعب الفلسطيني في غزة أمام العالم كله، الذي يقف شاهداً من دون أن يتحرك أو يضع حداً لهذا الاستهتار بالقانون الدولي والانتهاك المتعمد لإنسانية الإنسان.
أهالي غزة يواجهون الموت جوعاً أمام بصر العالم الذي يقف عاجزاً.

أخبار ذات صلة

0 تعليق