تستمر المفاوضات حول التوصل إلى صفقة في غزة بوتيرة مكثفة بين الأطراف المختلفة، وتبقى الصورة النهائية للاتفاق غير مكتملة، ما يجعل الساحة مفتوحة على كافة السيناريوهات، وسط قلق من إطالة أمد المفاوضات، الأمر الذي يزيد من الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، بينما قالت وكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»: إن العدوان الإسرائيلي كسر كل قواعد الحروب، وإن العالم لا يبالي، في حين جدد بابا الفاتيكان إدانة قسوة الغارات الإسرائيلية على غزة.
في الوقت الذي حضر فيه وفد إسرائيلي إلى القاهرة في إطار المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار وصفقة تبادل أسرى بين «حماس» وإسرائيل، قالت مصادر فلسطينية مطلعة: إن الحديث عن اتفاق وشيك قد يكون مبالغاً فيه، وقالت قناة «كان» العبرية: إن «الطريق لا تزال طويلة حتى الإعلان عن اتفاق»، رغم الجهود المكثفة التي تُبذل من قبل الوسطاء. وأضافت ذات المصادر، أن المفاوضات تركز على عدة قضايا محورية، أبرزها الإفراج عن الأسرى والمعتقلين، وضمان عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله.
وقال مصدر قيادي في حركة «حماس»: إن الحركة تتعامل مع هذه المفاوضات بجدية، لكنها تتمسك بمطالبها الرئيسية، وعلى رأسها الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين دون استثناء.
وأضاف المصدر: «إننا ندرك تعقيد الموقف، لكننا نثق بقدرتنا على تحقيق مكاسب وطنية تليق بتضحيات شعبنا».
ويتزايد الحديث عن وقف إطلاق النار في غزة وسط تقارير توضح أن الاتفاق قد يشمل نقطة انسحاب جزئي لقوات الاحتلال من بعض المناطق الداخلية في القطاع، مع بقاء القوات في النقاط العسكرية الحدودية، وستكون في الأغلب المرحلة الأولى من الاتفاق مستمرة من 43 إلى 60 يوماً، وهي فترة انتقالية من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل أموراً أخرى منها الإفراج عن الجنود الإسرائيليين الأسرى، سواء كانوا أحياء أو قتلى.
واتهم رئيس حزب «معسكر الدولة» الإسرائيلي بيني غانتس، أمس الأحد، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتخريب المفاوضات بشأن إبرام صفقة لتبادل الأسرى مع حركة «حماس».
وانتقد غانتس في كلمة متلفزة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، حديث نتنياهو مع وسائل إعلام أجنبية بشأن الصفقة الجاري بلورتها. وأضاف: «نحن في أيام حساسة- الحياة والموت حقاً يتحكم فيهما اللسان».
وجاءت تصريحات غانتس، على خلفية مقابلة نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية قبل ثلاثة أيام مع نتنياهو، قال فيها: «لن أوافق على إنهاء الحرب قبل القضاء على حماس (..)، لن نتركهم بالسلطة في غزة على بعد 50 كيلومتراً من تل أبيب لن يحدث ذلك». وقال غانتس: «كما قال نتنياهو نفسه قبل أسبوع واحد فقط كلما تحدثنا أقل، كلما كان ذلك أفضل، بينما المفاوضون يعملون، نتنياهو يخرب المفاوضات من جديد».
ودعا وزير التعاون الإسرائيلي دافيد أمسالم، أمس الأحد، للتوصل إلى «صفقة شاملة» لتبادل الأسرى والرهائن. وقال الوزير الليكودي لهيئة البث الرسمية: «نحن في موقف كان ينبغي علينا أن نتوصل فيه إلى صفقة شاملة واحدة منذ البداية». أما عن موضوع محور فيلادلفيا، فقد قال أمسالم: إنه «هو الشيء الوحيد الذي يجب أن نصر عليه حالياَ، وكل شيء آخر مفتوح للتفاوض، وسنواصل القتال في غزة لسنوات عديدة قادمة».
إلى ذلك، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، أمس الأحد: إن قطاع غزة يشهد تصعيداً خلال الساعات الماضية أدى إلى تزايد في أعداد القتلى والجرحى. ولفت إلى أن الهجمات الإسرائيلية على المدارس والمستشفيات أصبحت «أمراً شائعاً»، مؤكداً أنه يجب «أن لا يصبح العالم غير مبال».
وبحسب منشور لوكالة الأونروا على منصة «إكس»، شدد لازاريني على أن كل الحروب لها قواعد، وكل هذه القواعد «تم انتهاكها»، لافتاً بذلك إلى الوضع في قطاع غزة، وأشار إلى أن وقف إطلاق النار في القطاع «تأخر كثيراً». وطالب لازاريني بتوفير «فترة راحة للمدنيين، أينما كانوا في جميع أنحاء غزة، والإفراج الفوري عن المحتجزين». وأضاف «لقد تم إهدار الكثير من الوقت».
وفي ذات السياق، دان البابا فرنسيس مجدداً، أمس الأحد، «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك غداة موقف مماثل أثار سخطاً في تل أبيب. وقال الحبر الأعظم، في قداس الأحد، «بألم أفكر في غزة، في كل هذه القسوة، في الأطفال الذين يتعرضون لإطلاق النار، في قصف المدارس والمستشفيات. يا لها من قسوة». (وكالات)
0 تعليق