روسيا ومعضلة إنهاء الحرب - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

في ظل متغيرات عالمية وعواصف حرب فجائية تندلع في كل مكان، تسعى روسيا إلى تبريد الجبهة مع أوكرانيا، باتفاق سلام يحقق لها بعض الغايات التي أشعلت لأجلها الحرب، أو يُمكّنها من الحصول على مطالب معقولة تحفظ لها أمنها الاستراتيجي، حتى لو اضطرت إلى تقديم تنازلات لا تمس مطالبها الأساسية، وهذا ما تأمله مع قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تعهد بإنهاء الحرب فوراً، كونها من مخلفات إدارة بايدن التي يحمّلها المسؤولية بسبب دعمها العسكري الكبير لكييف وإذكاء نار تلك الحرب، لذا تحدث أكثر من مرة عن نيته خفض التمويل لأوكرانيا وهو ما يصب في مصلحة موسكو ويخدم أهدافها.
روسيا غير معنية بمعركة طويلة الأمد يريدها الغرب، حتى وإن حققت تقدماً وإنجازاً ميدانياً كبيراً، لأن استمرار المعارك يعني استنزافها إلى ما لا نهاية، وبالتالي فإنها ستتكبد الكثير من الخسائر العسكرية والاقتصادية، كما ستفقد أذرعها وقواعدها عالمياً في ظل انشغالها بمعركتها في أوكرانيا، على حساب دعم نفوذها عالمياً، وهذا ما لا ترغب فيه، خصوصاً في ظل سعيها الدؤوب إلى مزاحمة أمريكا على القطبية، ومنع استفراد الغرب بحكم العالم.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لوّح باستخدام أسلحة استراتيجية في أوكرانيا ما لم ترتدع الأخيرة عن استهداف أراضي بلاده بالأسلحة الغربية، كما هدد الغرب بحرب لا تُبقي ولا تذر في حال واصل تدخله السلبي ضد روسيا، ويبدو أنه يهدف إلى وضع خطوط حمراء، كي لا تنزلق الأمور لوضع لا رجعة فيه، إذ إنه يأمل في تدخل غربي لا لِيَصبّ الزيت على النار، بل لإقناع الحليفة أوكرانيا بخفض التصعيد وقبول الجلوس على طاولة المفاوضات، لذا فإن بوتين أبدى انفتاحه على عرض سلوفاكيا استضافة مفاوضات سلام بين روسيا وأوكرانيا، كما أعرب عن قبوله اقتراح باريس بإقامة حوار بشأن الأزمة الأوكرانية من دون إشراك كييف.
لكن في المقابل، فإن الرئيس الأوكراني يصر على استخدام القوة، وإدخال أوروبا وأمريكا في حرب مع روسيا، وهو ما تؤكده مطالباته التي لا تفتر بضرورة إخضاع روسيا وهزيمتها في أوكرانيا، بذريعة أن موسكو ستلتهم المنطقة برمتها في حال انكسرت شوكة بلاده. فهو يدعي أن موسكو لا يمكن أن تقبل بالسلام إلا مرغمة، وهذا ما لا تسمح به روسيا، وبالتالي استمرار المعارك من غير أفق يمكن أن يضع حداً لها.
الظروف الدولية تخدم فكرة وضع حد لهذه الحرب، خصوصاً في ظل التحفز الدولي، وزيادة الإنفاق العسكري، وتصاعد لهجة التصعيد النووي من دول عدة، وهذا لن يتم إلا بضغط حلفاء كييف عليها للتخفيف من حدة تصريحاتها، وقبول المحادثات.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق