هل من ضرورة إلى إعادة جدولة القضايا والأولويات التي يجب أن يوليها الإعلام العربي اهتماماً؟
المأساة هي أننا في العالم العربي، درجنا على عدم معرفة الطرائق السليمة التي تطرح بها الأسئلة، لهذا يكون الجواب غامضاً غموض السؤال. مثلاً: محور السؤال كان الإعلام العربي، فهل ثمة إعلام عربي حقّاً؟ الصواب: وسائط الإعلام الناطقة بالعربية. بتعبير المثل الفرنسي: «اهبطوا من الغيوم، فقد انتهى الحلم». لا يصحّ الحديث عن إعلام عربي، ولا يستقيم إلاّ إذا كان له نموذج فكري مشترك، إطار فكري، منظومة قيم، بصرف النظر عن مستوى المهنيّة والاحتراف. تعدّد الاتجاهات والتوجهات يتنافى تماماً مع صورة الإعلام العربي الواحد.
هذه التحويلة في مسار الموضوع، مفيدة من حيث إنها تطرح السؤال: لماذا يا ترى لم تحاول وسائط الإعلام التوصل إلى كليّات مشتركة في الأهداف، فالمنطق السليم يقضي بأن البلدان العربية، التي يجمعها دين ولغة وتاريخ وجغرافيا، ووحدة مصير جليّة في الأقل في تقاسم النوائب وتسلسل تداعي أحجار «الدومينو»، لا يمكن أن تفتقر حتى إلى الحدّ الأدنى من الالتقاء في الأفكار ذات الاهتمام المشترك، إذا تعذّر العمل المشترك، بدوافع داخلية أو خارجية، في حين أن الواقع تتضح فيه الأضداد والنقائص بما لا يقبل التشكيك. الطريف أن وسائط الإعلام الناطقة بالعربية كأنما لا تريد أن تكون صورة العالم العربي مختلفةً عن الطلعة البهيّة التي تتجلى بها المنظمة العربية الكبرى.
ثمّة ما هو أطرف، هل اتفق لك أن شاهدت في حوار أو ندوة في فضائية، أسئلةً ولو عابرةً طائرةً من قبيل: ما الذي أوصل العرب إلى مستوى قهقهة الناس إذا زلّ لسان أحد فذكر الوحدة العربية، مستفهماً استفهاماً إنكاريّاً عن أسباب حذف هذه العبارة من قاموس العرب؟ ما علّة إلغاء مشروع السوق العربية المشتركة؟ ما هي عيوب الدفاع المشترك، حتى استغنى عنه الدماغ الجيوسياسي الجيوستراتيجي العربي؟
من أعجب الألغاز في الإعلام المرئي، صرف النظر عن القضايا الفائقة الأهمية، كتطوير مناهج التعليم، ندرة مراكز البحث العلمي والاستثمار في العلوم، ربط التعليم بالتنمية، إنتاج البرامج العلمية والأشرطة الوثائقية، وسدّ الفراغ ولو بالترجمة والدبلجة، لكي لا يظل الإنتاج الهابط فارس الميدان. أمام شركات الإنتاج فرص كوميديّة رائعة لا تعرف استغلالها.
لزوم ما يلزم: النتيجة البديهية: الإعلام هو أقدر الميادين على علاج نفسه بنفسه.
[email protected]
0 تعليق