تعمّد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن يطرح قبل خمسة أيام من انتهاء ولاية الرئيس جو بايدن، وتسلّم الرئيس المنتخب دونالد ترامب مهامه، خطة إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، أو ما بات يعرف ب«اليوم التالي»، ولم يُعرف ما إذا كان ذلك بالاتفاق بين الإدارتين، أومحاولة لتقييد الإدارة الجديدة بعدة شروط سوف تشكل قيداً على إدارة ترامب، وخصوصاً ما يتعلق بإقامة الدولتين و«ضرورة أن تتخلى إسرائيل عن أسطورة ضم الأراضي بالقوة»، وهما قضيتان لم يحسم ترامب موقفه منهما رسمياً، وإن كان أكثر ميلاً للموقف الإسرائيلي الرافض لحل الدولتين، خصوصاً أنه كان قد أعلن في أغسطس/ آب الماضي أن «مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة، ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها»، وهذا يعني أنه يعارض إقامة الدولة، بل هو يدعو إلى تقليص مساحتها.
خطة بلينكن تلعب فيها لجنة الإسناد المجتمعي التي تعمل مصر على بلورتها دوراً أساسياً، أي ستكون بديلاً عن سلطة حماس، وإقامة حكومة بديلة تتشكل من ممثلين عن السلطة الفلسطينية والفلسطينيين في قطاع غزة والدول العربية. وأشار إلى أن حماس لا يمكن هزيمتها بالوسائل العسكرية وحدها، وأن هناك حاجة إلى خطة سياسية لتحل محل حكومة حماس. وبحسب الخطة التي قدمها بلينكن فإن السلطة الفلسطينية ستدعو ممثلي المجتمع الدولي إلى المساعدة على إنشاء حكومة مؤقتة في القطاع تكون مسؤولة عن القضايا المدنية مثل الصحة، والتعليم، والاقتصاد، والتنسيق المدني مع إسرائيل، على أن يتم انتخاب الإدارة المؤقتة بالتشاور مع المجتمعات المختلفة في القطاع والضفة الغربية، كما سيتم إنشاء هيئة أمنية مؤقتة تضم قوات عسكرية من دول المنطقة وعناصر عسكرية فلسطينية غير منتمية إلى حماس لضبط الوضع الأمني كي يتسنى البدء في عملية الإعمار ومساعدة السكان، وتأمين الحدود للحول دون تهريب السلاح، وإعادة بناء قوات الأمن الفلسطينية كي تتمكن مستقبلاً من القيام بمهامها، ولكن بشرط توحيد الضفة وغزة، كما قال الوزير الأمريكي، «وأن تتم العملية برُمتها بشكل كامل كجزء من الطريق إلى إقامة الدولة الفلسطينية في المستقبل».
لعل أهم ما أعلنه بلينكن أن الحكومة الإسرائيلية سوف تضطر إلى الموافقة على توحيد غزة والضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية كجزء من مسار محدد زمنياً لإقامة دولة فلسطينية في ظل الظروف التي تضمن عدم تحولها إلى دولة فاشلة، وقال «إن الفلسطينيين لن يوافقوا على عدم كونهم شعباً يتمتع بحقوق وطنية، ويجب على إسرائيل أن تتخلى عن الأسطورة القائلة بأنها قادرة على ضم الضفة الغربية وغزة وتظل دولة يهودية ديمقراطية»، ورأى أن هذه الخطة سوف تكون «ضربة لأجندة حماس».
إن «خطة اليوم التالي» هذه وغيرها من الخطط لا تكفي إذا لم يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ويعيش في أمن وسلام كبقية شعوب الأرض، وهذا يستوجب أن تعلن إسرائيل التخلي عن كل أهدافها في التوسع والاستيطان والتهويد، والإقرار بهذه الحقوق، وإلا فإنها ستظل تعيش في حالة حرب دائمة، وتعرّض المنطقة لشتى أشكال المخاطر، وتستولد تنظيمات أكثر خطراً من حماس.
0 تعليق