بالقرب من بوابة البحرين المؤدية إلى سوق المنامة، وعلى مبنى يتكون من طابق أرضي وثلاث واجهات، يبدو أنه مهجور منذ بضع سنوات، كتب على أحد جدرانه وبخط عريض (مكتبة المؤيد)، لم أكن قاصداً ذلك المكان من أجلها، ولم يدر في خلدي البحث عنها، أو حتى مجرد السؤال عن موقعها، ولكن القدر أراد ذلك، كي أستزيد معرفة حولها.
كان أول تعرفي إلى هذه المكتبة في كتاب «سرد الذات» لصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقص عنها تلك القصة المشهورة.
تعرفت إليها مجدداً من حديثي مع الأستاذ الفاضل فؤاد إبراهيم الشكر الذي ساقني إليه القدر، بعد سؤالي لواحد من كبار السن من مرتادي سوق المنامة القديم عما حل بمكتبة المؤيد، ولم هي مهجورة، وقادني هذا الشخص معه لدخول أحد المحال التجارية في قلب السوق لألتقي بفؤاد الشكر. حينها لم أعلم من هو.. رحب بي ولأن المكان لا توجد به كراسي عديدة ظل واقفاً طوال وجودي معه، أخذت أسأله عن مكتبة المؤيد، وأخذ يسرد لي العديد من الحكايات حولها، وكيف أنها ساهمت وبشكل كبير في خدمة أبناء البحرين فكرياً وثقافياً، ومن خلالها أيضاً أصبح الإنسان البحريني أقرب للعالم من حوله، كونها كانت صاحب امتياز توزيع العديد من الصحف والمجلات والدوريات إلى جانب الكتب، وفي ذلك الوقت كانت هذه الوسائل تحمل بين طياتها المقالات والتقارير والتحقيقات المصورة.
لم يكتف بذلك بل مدني برقم للتواصل مع الفاضل عمر مؤيد المؤيد ابن صاحب المكتبة التي قام بزيارتها صاحب السموّ حاكم الشارقة منتصف خمسينات القرن الماضي - كما ذكر في كتابه سرد الذات -، ولم أتردد بالتواصل معه للسلام والتزود منه بمعلومات حول المكتبة، حيث أوضح لي بأنها قد انتقلت من موقعها القديم إلى موقع آخر أفسح وأكبر، ربما أكثر ما جذبني في شخصه الكريم صوته الدافئ وهدوءه، وسعة صدره وترحيبه الحار، رغم أن الحديث كان هاتفياً.
أعود للأستاذ فؤاد إبراهيم الشكر في محله التجاري ومن على مكتبه الذي تكدست عليه دفاتر الفواتير وبعض القطع من المواد التي يبيعها، ومن بينها وقبل خروجي سحب مجلة وإذا بها مجلة الشارقة الثقافية، وقال: أنا أحد المشتركين في هذه المجلة وقبلها كنت مشتركاً في الرافد، آمل ألا تنقطع عنّا.
فؤاد إبراهيم الشكر عرفت عنه بعد ذلك أنه باحث في التراث والتاريخ، عاشقاً لبلده البحرين ولكل قطر خليجي، حريص على تقديم المعرفة والمعلومة للآخرين، شكراً جزيلاً له.
0 تعليق