بعد أربع سنوات على تركه البيت الأبيض إثر خسارته أمام الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن، ها هو الرئيس السابق دونالد ترامب يعود إليه، مُلحقاً هزيمة ثقيلة بمرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس كامالا هاريس بعد معركة انتخابية ضارية شهدت فصولاً غير معهودة من التحديات والمعارك الكلامية.
لكن الظروف الدولية التي كانت خلال ولايته الأولى من عام 2016 حتى عام 2020 تغيرت، وجرت مياه كثيرة كالطوفان في مجرى التحولات العالمية، وكانت الحرب الأوكرانية عام 2022 والحرب الإسرائيلية الحالية في قطاع غزة ولبنان، إضافة إلى تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية وفي بحر الصين الجنوبي، وحالة عدم اليقين في الموقف الأوروبي من الحرب الأوكرانية والعلاقات عبر الأطلسي، من القضايا التي استجدت خلال أربع سنوات.
كلها تحديات جديدة سوف يواجهها ترامب بعد تربعه على عرش المكتب البيضاوي، سوف تحدد كيف سيحقق شعاره «أمريكا دولة عظمى من جديد»، وكيف سيتمكن من تنفيذ وعوده بإنهاء الحرب الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وكيف سيدير علاقاته مع أوروبا وحلف الأطلسي والصين، إضافة إلى العلاقات مع كوريا الشمالية.
في خطاب انتصاره الذي ألقاه بعدما تأكد من حصوله على 277 صوتاً في المجمع الانتخابي من أصل 538 صوتاً، في حين كان يحتاج إلى 270 صوتاً فقط، أعلن ترامب مخاطباً أنصاره «لقد كتبنا التاريخ هذه الليلة»، وتحدث عن بعض الخطوات الداخلية التي سيقوم بها كرئيس بقوله «سنغلق الحدود أمام المهاجرين غير الشرعيين»، و«سنساعد بلدنا على التئام الجروح، وسنصحح وضع حدودنا»، و«سأصارع من أجل عائلاتكم ومن أجلكم ومن أجل المستقبل الذي يستحقه أبناؤنا»، فيما تجنب الخوض في القضايا الدولية.
في مطلق الأحوال لن تبقى الولايات المتحدة كما هي، سوف تتغير بالتأكيد في عهد ترامب الثاني باتجاه لم تتحدد معالمه بعد، لكن من الواضح من خلال ما طرحه في حملاته الانتخابية، أن الحرب الأوكرانية سوف تشهد مساراً مختلفاً عن المسار الحالي، وأيضاً العلاقات مع الدول الأوروبية وحلف شمال الأطلسي. لكن يبدو أن العلاقات مع الصين قد تشهد حرباً اقتصادية جديدة بعدما أعلن ترامب أنه سيفرض تعرفة ثابتة بنسبة 60 في المئة على جميع الواردات الصينية. وبالنسبة للحرب الحالية في الشرق الأوسط فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان أول المهنئين له بالفوز قائلاً «عودتك بداية جديدة». لكن من الملاحظ أن الجالية العربية في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان رحبت بخسارة هاريس، بعدما كان ممثلو هذه الجالية قد دعوا لمعاقبتها وإدارة الرئيس جو بايدن لدعم إسرائيل مالياً وعسكرياً وفشلهم في وقف عدوانها، لذلك فإن قسماً كبيراً من الجالية صوت لترامب أو للمرشحة المستقلة جين شتاين.
يذكر أن ولاية ميشيغان أهدت الفوز لترامب عام 2016، ثم اختارت جو بايدن عام 2020. ويرى هؤلاء أن ترامب وعدهم بوقف الحرب إذا ما تم انتخابه رئيساً، ويعتقدون أيضاً أن الجمهوريين لا يخلقون الحروب ولا يصرفون المال من أجل تمويل حروب خارجية. لكن تفاؤل هؤلاء بدور إيجابي لترامب في وقف الحرب الإسرائيلية قد يكون مبالغاً فيه، لأنه لم يتخل عن دعم إسرائيل وسياساتها خارج البيت الأبيض وداخله.
0 تعليق